للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يلزم من ثبوته للإنسان ثبوته للحيوان، وكذلك هذا إذا ثبت أن مطلق الدعاء لمطلق الصمت، وهو الأعم في عدم الإجابة من باب أحرى.

قيل لابن عرفة: ينتفي أخص الدعاء، فقال: ما ثبت عنهم أنهم كانوا يدعونهم، عرفة إلا بمطلق الدعاء لَا بأخصه.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا ... (٢٠١)}

هذه دليل لسيبويه في مسألة كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي.

قوله تعالى: {إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ... (٢٠٣)}

يؤخذ منها أنه - صلى الله عليه وسلم - لَا يحكم بالاجتهاد، وأن أحكامه كلها مستندة للوحي.

قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ... (٢٠٤)}

حكى الفخر في الأصول الخلاف في القرآن هل هو اسم جنس يصدق على القليل والكثير، أو اسم كل، وتظهر ثمرة الخلاف في قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) .. قال: وهذه الآية دليل علَى أنه اسم جنس؛ لاتفاقهم على أن من سمع أنه من القرآن يؤمر بالإنصات يتناول القارئ بعينه؛ لأنا نجد بعض الصناع يعمل صنعة وهو يقرأ ويأمر وينهى في قراءاته، قال: كان ذلك خفيفا فهو مفتقر وإلا لم يجز، قال: والإنصات متقدم على الاستماع وسبب فيه فهلا قدم عليه في الآية.

قال: وعادتهم يجيبون لأن الاعتناء بطلب فعل ما لم يكن فعل أقوى من الاعتناء لطلب المداومة على فعل ما كان واقفا؛ لأن هذا أخف على النفوس من الأول، ومجرد الإنصات شأن الإنسان، والاستماع هو استحضار الذهن لسماع القرآن فلم يكن هذا مفعولا، قيل بوجه، قيل لابن عرفة: هذا إن سلمنا أن الإنصات والصمت بمعنى واحد، ولنا أن نقول: الإنصات هو القصد إلى الصمت لَا مجرد الصمت، فقال: لا بل هما بمعنى واحد.

قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

لفظ الآية يدل على أن الإنصات والاستماع مطلوبان طلبا لَا ينتهي إلى الوجوب، ومفهومهما يدل على أنهما واجبان، وإذا لم ينصتوا لم يرحموا، وترتيب الثواب على

<<  <  ج: ص:  >  >>