للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ).

انظر لم حذف الفاعل؟ قال بعضهم: للتحقير، فرد عليه بأنه لَا يحذف إلا إذا كان المفعول عظيما فيحذف تحقيرا له أن يذكر معه، لقولك: طعن عمرو، والمفعول هنا حقير.

وقال ابن عرفة: حذف العلم به، فرد عليه الخولاني بأن المفسريين اختلفوا في المزين، فقيل: هو الله، وقيل: هو الشيطان [ ... ] انظر ابن عطية، قلت: إن كان المزين هو الله فالحذف للتعظيم، وإن كان الشيطان فالحذف للتحقير لأنه غير معظم.

قوله تعالى: (سُوءُ أَعْمَالِهِمْ).

قال: هو عندي من باب الصفة إلى الموصوف؛ لأن السوء من صفة الأعمال وهو عندهم ضعيف، والكثير الجائز إضافة الموصوف إلى صفته كصلاة الأولى، ونقله [ ... ].

قلت: وذكر الشيخ النووي الصالح في شرح مسلم في كتاب فضائل الصحابة حديث جرير بن عبد الله أن مذهب [ ... ]، وأجاز ذلك الكوفيون، فأجابه ابن عرفة: بأن عنهما عموم وخصوص من وجه دون وجه، فالشيء يطلق على الأعمال وغيرها؛ كما أن الأعمال منها السيئ والقبيح، قلت: وما قال عندي غير صحيح لجواز مررت برجل حسن الوجه، وهو باب متصور من أبواب [العربية*] فتأمله.

قوله تعالى: (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا).

[**إن جعلنا المعنى السيئ بمعنى النسيء]، فظاهر وإلا فقول بفعله، [والنسيء مصدر*].

والزمخشري وأبو حيان يشكلان، فإنهما ذكرا ثلاث قراءات، [الجمهور (النسيء) بالمد، وَوَرْشٌ (النَّسِيُّ)، وبتخفيف النسي كالنَّهيِ*] (١).

قال ابن عرفة: وهي والأول سواء، ولا فرق بينهما.

قوله تعالى: (مَا).

ما ظرف [والعمل في جميعه؛ لأنه محدود].

قوله تعالى: (لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ).


(١) النص في الكشاف هكذا:
"والنسيء مصدر نسأه إذا أخره. يقال نسأه نسأ ونساء ونسيئاً، كقولك:
مسه مساً ومساساً ومسيساً. وقرئ بهنّ جميعا. وقرئ النسى، بوزن الندى. والنسى بوزن النهى، وهما تخفيف النسيء والنسيء". اهـ (الكشاف. ٢/ ٢٧٠).
والنص في البحر المحيط هكذا:
"وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: النسيء مهموز عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ. وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ وَحُمَيْدٌ وَأَبُو جَعْفَرَ وَوَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ وَالْحَلْوَانِيُّ: النَّسِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ سَهَّلَ الْهَمْزَةَ بِإِبْدَالِهَا يَاءً، وَأَدْغَمَ الْيَاءَ فِيهَا، كَمَا فَعَلُوا فِي نَبِيءٍ وَخَطِيئَةٍ فَقَالُوا: نَبِيٌّ وَخَطِّيَّةٌ بِالْإِبْدَالِ وَالْإِدْغَامِ. وَفِي كِتَابِ اللَّوَامِحِ قَرَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالزُّهْرِيُّ.
وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَطَلْحَةُ وَالْأَشْهَبُ وشبل: النسء بإسكان السين. وَالْأَشْهَبُ: النَّسِيُّ بِالْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ مِثْلُ النَّدِيُّ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ: النَّسُوءُ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ.". اهـ (البحر المحيط. ٥/ ٤١٦، ٤١٧).
وقال ابن عطية:
"وقرأ جمهور الناس والسبعة «النسيء» كما تقدم، وقرأ ابن كثير فيما روي عنه وقوم معه في الشاذ «النسيّ» بشد الياء، وقرأ فيما روى عنه جعفر بن محمد والزهري «النسيء»، وقرأ أيضا فيما روي عنه «النسء» على وزن النسع وقرأت فرقة «النسي». فأما «النسيء» بالمد والهمز فقال أبو علي هو مصدر مثل النذير والنكير وعذير الحي ولا يجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول لأنه يكون المعنى إنما المؤخر زيادة والمؤخر الشهر ولا يكون الشهر زيادة في الكفر". اهـ (المحرر الوجيز. ٣/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>