للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عرفة: كان بعضهم يقول: إنما قال (يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) ولم يقل: فيه رجال يتطهرون؛ لأن محبة التصديق تصديق وإن لم يحصل التطهر لعذر منه مانع؛ إذ يحب بعضهم التطهر ويمنعه منه عذر فالآية فيها تخفيف الرحمة من الله تعالى في الثناء على من هذه حالا.

قوله تعالى: (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ).

قال ابن عرفة: رؤية الله لعملهم مجاز، ورؤية الرسول والمؤمنون له حقيقة، قال: وقرره بوجهين:

أحدهما: أن رؤية الله تعالى ليس المراد نفسها؛ وإنما المراد الجزاء على العمل بالثواب الجزيل والعقاب الشديد؛ بخلاف رؤية الرسول فإنه لَا يجازيهم بل يرى أعمالهم فقط، ومنهم من قرره بأن رؤية الله تعالى سابقة متقدمة إذًا فالاستقبال فيها غير حقيقي. بل السين للتحقيق لَا للاستقبال؛ بخلاف رؤية الرسول فإِنها حادثة فالاستقبال فيها حقيقة؛ واحتج بها الفخر على أن الوجود مصحح للرؤية لأن العمل معنوي.

قوله تعالى: (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).

ابن عرفة: هذه القضية ليست مانعة لخلو المنع الإصلاحي وإنما هي مانعة الجمع، وأما الخلو من الأمرين فلا.

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ... (١١١)}

قدم هنا الأنفس على الأموال، وقال فيها: يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فقدم الأموال، قال: وأجيب بوجهين:

الأول: أن الجهاد بالمال أخف على النفوس من الجهاد بالنفس، فسلك في الآية المتقدمة مسلك الترقي فيها، وأما هنا فلما ذكر اسم الجلالة قوبل بأشرف الأمور وأعزها وهي النفوس.

الثاني: أن كل أحد عنده نفس يجاهد فيها، وليس كل أحد عنده المال بل الأغلب كان في حقهم عدم الوجدان فبدأ بما هو الأغلب.

قوله تعالى: (وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا).

قال الزمخشري: وعد ثابت قد أثبته في التوراة والإنجيل*، كما أثبته في القرآن.

ابن عرفة: إن إرادته وعد صدق لَا يصح الخلاف فيه فما قاله حق؛ فإن أراد به أصل التفضيل، فهو بقوله: إنه واجب على قاعدته عقلا، ونحن نقول: إنه واجب

<<  <  ج: ص:  >  >>