للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} باعتبار اللفظ والأمر الحسّي الوجودي.

قال ابن عطية: قال جمهور المتأولين: كان من الكافرين في علم الله تعالى.

قال ابن عرفة: إن أرادوا أنّه إذ ذاك كفر بهذا الفعل وكان قبل ذلك مؤمنا (بالحسّ) (وكان) كافرا في علم الله تعالى وقيل: إنه كان كافرا بالحس، وشؤم كفره أوجب متناعه من السجود.

واختلف هل كفره عناد (أم لا)؟ فمنهم من قال: يستحيل صدور المعصية من العالم حالة كونه عالما لأن العلم يقتضي ترجيح (طرق السلامة) (على طريق الهلاك) فأبطل الكفر عنادا وهي قاعدة الفخر وغيره.

ومنهم من قال: إنّ كفره كان عنادا.

قيل لابن عرفة: ويمكن تقرير هذا بما قالوا: من أنّ ارتباط الدليل بالمدلول هل هو عقلي أو عادي فقد يعلم الدليل ولا ينتج له العلم بالمدلول؟

فقال: نعم ولكن ما ذكروا (هنا) إلا الأول.

قال ابن عطية: روى ابن القاسم عن الإمام مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه إن أول معصية كاتت الحسد والكبر والشح، حسد إبليس آدم وتكبر عليه (وشح آدم في أكله من شجرة قد نهى على قربها).

قلت: وهذا بعينه من كتاب الجامع الأول من العتبية. وقال فيه ابن رشد: الحسد من (الذنوب) العظام وهو أن (يكره) أن يرى النعمة على غيره، ويتمنى انتقالها عنه إليه، والغبطة أن يتمنى مثلها فقط مع بقائها عند صاحبها فالغبطة مباحة والحسد محظور قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لا حسد إلا في اثنين رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء اللّيل وأطراف النهار» انتهي.

والاستثناء في الآية منقطع. ومنهم من يرى الحسد على وجهين:

- محظور إن كان فيه (بغي). وهو أن يريد الإضرار (بالمحسود) بزوال النعمة عنه.

-

وجائز إن لم يكن معه بغي كالحسد في الخير فإنه مرغب فيه إذ لا بغي فيه والحسد في المال إن لم يكن معه بغي جاز: والشح قسمان: فالشح بالواجبات حرام، وبالمندوبات مكروه.

قال: وقوله في آدم «فَشَحّ» أي فَشح أن يأكل من ثمار الجنة التي أباح الله له الأكل منها فلم يأكل منها (ابقاء عليها) وشحّا بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>