للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان لَا يركن إلى الواقع بل يدعو ما استطاع، السؤال الثاني أن الإيمان أخص من الإسلام (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا)، ولحديث ابن عمر "الإسلام أن تشهد أن لَا إله إلا الله [وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة*] وتؤتي الزكاة وتحج البيت، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالقدر خيره وشره فمن حصل الإيمان حصل الإسلام" بخلاف العكس ألا ترى أن القدرية ليسوا بمؤمنين مع أن بعضهم يظهر له من التقشف والعبادة ما لم يظهر على بعض المؤمنين، فقال ابن عرفة: أما الآية فإنما ذلك فيها باعتبار الظاهر فالأعراب ظهر منهم الاقتفاء بالنبي وذلك هو الإسلام، وكذبوا في قولهم آمنا وانظر حديث أبي موسى وبلال في الأعرابي القائل للنبي صلى الله عليه وسلم ["أَلَا تُنْجِزُ لِي، يَا مُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَبْشِرْ» فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ «أَبْشِرْ» فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلَالٍ، كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا قَدْ رَدَّ الْبُشْرَى، فَاقْبَلَا أَنْتُمَا» فَقَالَا: قَبِلْنَا، يَا رَسُولَ اللهِ ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا، وَأَبْشِرَا"*]. (١)

أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة،

وكذلك الأعرابي الذي جذب النبي صلى الله عليه وسلم في رواية بشدة حتى أثر في عنقه

وطلب منه أن يعطيه. ابن عرفة: وأما الحديث فالإسلام أخص ولا سيما على مذهب

أهل السنة القائلين بأن المعاصي في المشيئة وأنه مؤمن مع وجود أنه تارك للصلاة

والزكاة فليس بمسلم، والمعنى أنهم يقولون أنه كافر فترى الإسلام عنده أخص لا

يصدق إلا على الطائع فما طلب يوسف إلا الأخص.

قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ ... (١٠٢)}

قال الزمخشري: هذا تهكم بهم، ابن عرفة أراد أنه ما يقال ما كنت تدري قيام زيد، وما كنت تعرف الفقه إلا لمن يظن به علم ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم لا طريق له إلى معرفة ذلك إلا من الوحي فإتيانه بالقصة على الوجه الأكمل الصحيح من أدل دليل على صدقه فالمخالف فيه مخالف للضرورة.

قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)}

هذا تمهيد عذر للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه قد يتوهم أن عدم إيمانهم سبب تقصير النبي صلى الله عليه وسلم في التبليغ لهم؛ لأن الملك إذا أمر حاجبه أن يبلغ أمرا إلى الرعية فيسر لهم أسباب القبول فلم يمتثلوا لقربهم منه في التقصير.

قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤)}


(١) تم تصحيح ألفاظ الحديث من صحيح مسلم. اهـ (مصحح نسخة الشاملة).

<<  <  ج: ص:  >  >>