للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجزيهم الله في المستقبل جزاء آخر إشارة إلى دوام النعمة وعدم انقطاعه وإلى ما ورد أن في الجنة ما لَا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وإلى حصول النعيم لهم بالفعل.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ... (٣٦)}

حكى الفقهاء في كتاب الجهاد والخلاف هل خلا العقل من جمع أو لا وحكاه المازري في المعلم، قلت لابن عرفة: قد قالوا لأن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم هو ونوح كانا عامين [للعرب والعجم*] فدل على أن غيرهما لم يرسل للعجم، فيرى العقل خلا من السمع، فقال: إنما ذلك في التفاصيل والأحكام وأما [الإيمان بوجود الإله ووحدانيته*] فكل شيء أرسل بذلك على العموم، فإن قلت: قس بن ساعدة وغيره من فصحاء العرب وعبدة الأصنام كانوا لَا يعرفون الإله بوجه، قلنا: إنما ذلك في عوامهم وأما رؤساؤهم فيعرفون وجود الإله وإن كانوا متعاهدين على ذلك.

قوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ ... (٤٠)}

ابن عطية: إنما هو للمبالغة لَا للحصر لأنه قد ينزل له عن ذلك، وأجيب: بأن المعنى إنما قولنا لشيء إذا أردناه إيجاده وإحداثه، قال الثعلبي، وابن الخطيب: الآية تدل على أن القرآن غير مخلوق وإنما كان يلزم عليه التسلسل، ورده ابن عرفة: بأن أهل الأصول قالوا للصفات قسمان متعلقة كالعلم والإرادة والقدرة والكلام، وغير متعلقة كالحياة، والمتعلقة قسمان مؤثرة كالقدرة والعلم، وقالوا: إن الصفات الغير مؤثرة تتعلق بنفسها فالكلام وإذا كان كذلك فما يلزم عليه التسلسل.

قوله تعالى: (إِذَا أَرَدْنَاهُ).

ابن عطية: أي إنما قولنا لشيء مراد لنا.

ابن عرفة: إن قلت كيف هذا "وإذا" ظرف لما يستقبل، قلنا ذكر ابن مالك: إذا يكون ظرفا لما مضى ومثله بقوله تعالى: (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) فلذلك هي هنا.

قوله تعالى: (فَيَكُونُ).

ابن عطية: قرئ بالنصب على جواب الأمر قال: وفيه تأمل، وقال الزمخشري: النعت عطف على القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>