للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرده ابن عرفة بأن القلب مجاز، والتأكيد يرفع المجاز، ولذلك احتجوا به في قوله تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) على صحة وقوع الكلام من الله حقيقة، وإلا كان يقول: أنه من باب القلب (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا).

قوله تعالى: {كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي ... (١٠١)}

ظاهره عام في المؤمنين والكافرين؛ فلذلك أضاف الذكر إلى الله تعالى.

قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (١٠٢)}

إنما قال: الكافرين، ولم يقل: أعتدنا جهنم لهم؛ لاحتمال عود الضمير على لفظ عبادي وهم الملائكة.

قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣)}

قال ابن عرفة: هذا استفهام حقيقة، كأنه يقول: هل نخبركم بالأخسرين أعمالا، إن سألتهم عنهم فهم الذين ضل سعيهم، وقال هنا (نُنَبِّئُكُم) بالنون.

وقال في [الشعراء

(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) *].

وقال في سورة آل عمران (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ)، وقال: (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) فعبر في هؤلاء بهمزة المتكلم وحده، وهما بنون من غيره لوضوح مدلول هذه وخفاء مدلول تلك الآيات، وتوقف صحتها على المعجزة، والمعنى ضل في الآخرة سعيهم في الدنيا؛ لأن كل ما عملوه يذهب عنهم ولا يجدونه فأشبه الضالة الذاهب، قال: وأسند الضلال للسعي والإحسان للصنع؛ لأن السعي أعم من الصنع، فناسب إسناده إلى الضلال؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، والضلال نفي والإحسان إثبات، فصار كقوله تعالى: (فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ).

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ... (١٠٥)}

قال ابن عرفة: يؤخذ منها أن جحد المعاد محبط للعمل، وأنه كفر، قيل له: إنما أحبط أعمالهم اتصافهم بالكفر وجحد المعاد معا، فقال: بل كل واحد من الأمرين كاف في ذلك بدليل أن مجرد الكفر كاف في إحباط العمل، وكذلك جحد المعاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>