للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجزأه، بل قوله: فقبل الغسل يجزئ عنه،؛ لأن قولك: جاء زيد قبل عمرو يقتضي مجيء عمرو، وكأن غيره لَا يقتضيه، لأنك تقول: [ ... ] زيد ابنه قبل أن يتزايد لابنه الولد، ولا يلزم منه أن يكون لابنه ولد، ويحتج عليه بآيات من القرآن منها هذه، وكان الآخر يجيب بأن هذه في سياق الشرط يتركب من المحال؛ لأن المحال يستلزم محالات؛ لأن كون البحر مدادا لكلمات الله ونفاذ كلمات الله محال.

قوله تعالى: (وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).

وقال في لقمان (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) فانظر أيهما أبلغ؟

قال ابن عرفة: كلاهما بليغ؛ لأنه ليس المراد نفس سبعة أبحر بل هو مبالغة، وكذلك هنا ليس المراد مثله فقط بل مثله ومثل مثله إلى ما لَا نهاية له.

وقوله تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ).

اعلم أن لو حرف امتناع، وينتفي منها عند الأصوليين الأول لانتفاء الثاني، وكذا عند المنطقيين خلافا للنحويين؛ بدليل قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ) فانتفت الآلهة لانتفاء الفناء.

لَوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ... (١١٠)

يؤخذ منه أن المماثلة بين الشيئين لَا ينافي اختصاص أحدهما بأمر دون الآخر، فالأنبياء عليهم السلام مماثلون لنا في الخلق في الأمور الذاتية، وإن اختصوا بأمر عرضي، ويؤخذ منه أن هداية نفوسهم مماثلة لغيرهم، فليست النبوة أمرًا مكتسبا بوجه؛ بل هي خصوصية ألحقهم الله بها من غير تطبع ولا اختلاف مجاز.

قوله تعالى: (يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ).

إن قلت: تغليب على المخاطب؛ فهلا قال: إنما إلهنا إله واحد، فالجواب: أنه موحد لله تعالى لَا يعتقد له شريكا، والآية حيث مخرج الرد عليهم. فناسب أن يقول (إِلَهُكُم) لأنهم يشركون به، والوحدة في الأمر الذاتي، والأمر الحكمي.

قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ).

ولم يقل: يرجو لقاء ربكم، ولذلك لم يقل: فاعملوا صالحا تهيئا لهم على العمل الصالح، والرجاء إما على بابه، أو بمعنى الخوف على جهاز المجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>