للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهو مما خرجه البخاري ومسلم (١) وغيرهما عن عائشة رضى الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يهوديّ من يهود بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم الحديث، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما حل السحر قال: ((إن الله شفاني)).

والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، فدل على أن له حقًا وحقيقة، ً فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله على وجوده ووقوعه، وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق.

ولقد شاع السحر وذاع في سابق الزمان، وتكلّم الناس فيه ولم يبد من الصحابة ولا من التابعين إنكار لأصله، وروى سفيان عن أبي الأعور عن عكرمة عن ابن عباس قال: علم السحر في قرية من قرى مصر، يقال له: (الفرما)، فمن كذب به فهو كافر مكذب لله ورسوله، منكر لما علم مشاهدةً وعيانًا.

وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (ج١ ص٢٥٤): فصل: حكى أبوعبد الله الرازي في "تفسيره" عن المعتزلة أنّهم أنكروا وجود السحر قال: وربما كفّروا من اعتقد وجوده، قال: وأما أهل السنة فقد جوّزوا أن يقدر الساحر أن يطير في الهواء، أو يقلب الإنسان حمارًا والحمار إنسانًا، إلا أنّهم قالوا: إن الله يخلق الأشياء عندما يقول الساحر تلك الرّقى والكلمات المعيّنة، فأما أن يكون المؤثر في ذلك هو الفلك والنجوم فلا، خلافًا


(١) البخاري (ج١٠ ص٢٣٥)، ومسلم (ج١٤ ص١٧٤).

<<  <   >  >>