للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت تلك الزيارات للأديرة والالتقاء بمرشديهم ومعلميهم من الرهبان القليلين بصورة متقطعة غير متواصلة على فترات متباعدة .. حيث كان عازر يوسف عطا قد أنهى تعليمه والتحق بالعمل في مجال السياحة شركة كوكس للسياحة ..

وانقطعت لفترة صلته بمرشديه وآبائه الروحانيين ومعلميه من الرهبان القليلين الذين تأثروا بفكر تلك الجماعة المحظورة من قبل الكنيسة .. وروجوا لتعاليمها واستغلوا وجودهم بالأديرة وثقة الزائرين بهم لجذب عدد من الأقباط النصارى خاصة من المتعلمين الطموحين البعيديين عن الأمور الدينية والَّتِي يسهل عليهم إقناعهم والتأثير فيهم لجهل هؤلاء الشباب أمثال عازر يوسف بالمسائل الدينية ..

وعمل عازر يوسف عطا في إحدى كبرى شركات الملاحة المعروفة في ذلك الوقت ..

ولنشاطه وطموحه استطاع في سن صغيرة أن يكسب ثقة رؤسائه في الشركة وأن يحتل مركزا مرموقا ومكانة متميزة في السلك الوظيفي بين زملائه ورؤسائه بشركة الملاحة الكبرى .. حتَّى تمكن في فترة قصيرة أن يستحوذ على ثقة المسئوليين الكبار بالشركة الذين بدورهم اعتمدوا عليه في كثير من الأمور الإدارية بها من فرط ثقتهم في قدرته وإلمامه بخبايا العمل وإدارة الشركة .. وهي مهارات قيادية اكتسبها وبرزت أيضًا في شخصيته .. وركزت اهتمامات قيادات الجماعة وعيونهم عليه والمتابعين لأحواله وأحوال أعضاء الجماعة من الشباب العلمانيين .. ورغم انشغاله بتبعات ومسئوليات الشركة الَّتِي أخذت الكثير من وقته لكن أفكار تلك الجماعة وعلاقاته القوية بمعلميه كانت قد استحوذت على كثير من فكره وقناعاته .. فأصبح يغتنم الفرصة في الإجازات القليلة للتردد على مرشديه ومعلميه من رهبان الأديرة المنتمين لتلك الجماعة

وكانت تلك اللقاءات تتم بصورة انفرادية بعيدا عن سمع كبار مسئولى الأديرة حتَّى لا تتسرب إليهم وشايات تؤدى إلى طرد الرهبان .. فكانت تلك الدروس محاطة بسرية تامة حتَّى تشبع بمناهج وتعاليم وأساليب قيادات جماعة الأمة القبطية للوصول إلى أهدافها .. وفي أثناء تلك الفترة حدث كثير من التغيرات في سلوكيات حياته اليومية حيث أصبح يميل إلى العزلة والحد من الاختلاط والعلاقات الاجتماعية مع زملائه بالعمل ..

وامتدت بوادر مرحلة الاعتزال لتصل إلى منزله فأصبح لا يميل للحديث ومخالطة أهله وأقربائه والمقربين منه .. ويفضل الوحدة عن الجلوس معهم .. وكانت تظهر من بعض تعليقاته نقد أو رفض بعض الأمور الخاصة بالكنيسة والأقباط النصارى .. وحتى لا يلفت إليه الأنظار فضل الصمت .. حيث لمس بفطرته الذكية عدم استجابة المحيطين به من الأهل والأصدقاء لآراء تلك الجماعة الَّتِي كانت تتناثرها الألسن على أنها غريبة ومرفوضة عقائديًا وغير مقبولة من أقباط ذلك الوقت ..

<<  <   >  >>