للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقدم كذلك إنكار علماء مراكش في الصفحة ما قبل السابقة على تبديل الشريعة بالقوانين الوضعية واعتبروه كفرا مخرجا من الملة.

وهذا العلامة التمنارتي ومعه مجموعة من علماء المغرب يستنكرون بشدة التحاكم إلى القوانين الوضعية التي وضعها بعض البربر قديما، واعتبروها من التحاكم إلى الطاغوت الذي أمرنا أن نكفر به.

قال التمنارتي: سافرت من تارودانت لبلاد القبلة، فمررت ببلاد هنكيسة فكانوا يتحاكمون إلي. فإذا عرضت خصومة تتعلق بحصونهم التي أعدوها لحفظ أموالهم، وكانوا يبنونها على شواهق منيعة، قالوا هذه إنما يحكم فيها ألواح الحصون فسألتهم عنها، فقالوا: هي ضوابط وقوانين رسموها وينتهون إليها عند وقوع حادث في الحصن. فشرحوا لي منها كثيرا فوجدتها كلها من باب العقوبة بالمال التي ليست في الشريعة إلا في الغش، وليس شيء منها في الغش، بل هي عوض عن الحدود التي نصبها الشارع زواجر. فقلت لهم: هذا من التحاكم إلى الطاغوت الذي أمرنا أن نكفر به (١).

ونقل عن قاضي مراكش العلامة أبي مهدي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني جوابه عن نفس المسألة منه قوله (٢): فالواجب عليهم في ذلك تغيير المنكر على ما يوافق الشرع بقدر الاستطاعة. وأما اختراعهم لألواح شيطانية ويبتدعون أحكاما على ما سولت لهم النفوس الأمارة حتى إن نازلة تنزل بهم فيهرعون فيها إلى تلك الألواح نابذين ما أنزل الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاكمين


(١) الفوائد الجمة (٤٦٢).
(٢) وهو في كتابه الأجوبة (٢/ ٤٩٩ - فما بعد) كما أفاد محقق الفوائد.

<<  <   >  >>