للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((احتلبوا هذا اللّبن بيننا)) قال: فكنّا نحتلب فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه، ونرفع للنّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نصيبه. قال: فيجيء من اللّيل فيسلّم تسليمًا لا يوقظ نائمًا، ويسمع اليقظان. قال: ثمّ يأتي المسجد فيصلّي، ثمّ يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشّيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي. فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلمّا أن وغلت في بطني وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان فقال: ويحك ما صنعت أشربت شراب محمّد فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك، وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت. قال: فجاء النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فسلّم كما كان يسلّم، ثمّ أتى المسجد فصلّى ثمّ أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئًا، فرفع رأسه إلى السّماء فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك. فقال: ((اللهمّ أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني)) قال: فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ، وأخذت الشّفرة فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فإذا هي حافلة وإذا هنّ حفّل كلّهنّ فعمدت إلى إناء لآل محمّد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه.

قال: فحلبت فيه حتّى علته رغوة، فجئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: ((أشربتم شرابكم اللّيلة) قال: قلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثمّ ناولني، فقلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثمّ ناولني، فلمّا عرفت أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد روي وأصبت دعوته، ضحكت حتّى ألقيت إلى الأرض. قال: فقال النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إحدى سوآتك يا مقداد)) فقلت: يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا،

<<  <   >  >>