للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سابق على الإثبات، وإما أنه أشار إلى أنه لم يثبت على طريقة تصحيح المحدثين، فإن الأحاديث تنقسم إلى صحيح، وحسن، وضعيف، وأشار إلى أنه ليس بثابت، أي ليس من جنس الصحيح الذي رواه الحافظ الثقة عن مثله، وذلك لا ينفي أن يكون حسنًا، وهو حجة، ومن تأمل الحافظ الإمام علم أنه لم يوهن الحديث، وإنما بين مرتبته في الجملة أنه دون الأحاديث الصحيحة الثابتة، وكذلك قال في موضع آخر: أحسنها حديث أبي سعيد، ولو لم يكن فيها حسن لم يقل فيها أحسنها، وهذا معنى احتجاج أحمد بالحديث الضعيف. وقوله: ربما أخذنا بالحديث الضعيف. وغير ذلك من كلامه؛ يعني به الحسن، فأما ما رواه متهم، أو مغفل؛ فليس بحجة أصلاً، ويبين ذلك وجوه:

أحدها: أن البخاري أشار في حديث أبي هريرة إلى أنه لا يعرف السماع في رجاله، وهذا غير واجب في العمل بل العنعنة مع إمكان اللقاء، ما لم يعلم أن الراوي مدلس.

وثانيها: أنه قد تعددت طرقه، وكثرت مخارجه، وهذا مما يشد بعضه بعضًا، ويغلب على الظن أن له أصلاً.

وروي أيضًا مرسلاً، رواه سعيد عن مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن قال-: وثالثها: أن تضعيفه إما من جهة إرسال، أو جهل راو، وهذا غير قادح على إحدى الروايتين وعلى الأخرى، وهي قول من لا يحتج بالمرسل، نقول: إذا عمل به جماهير أهل العلم وأرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول، أو روي مثله عن الصحابة، أو وافقة ظاهر القرآن؛ فهو حجة، وهذا الحديث قد اعتضد بأكثر ذلك، فإن عامة أهل العلم عملوا به في شرع التسمية في الوضوء، ولولا هذا الحديث لم يكن لذلك أصل، وإنما اختلفوا في صفة شرعها: هل هو إيجاب، أو ندب؟ وروي من وجوه متباينة مسندًا، ومرسلاً، ولعلك تجد في كثير من المسائل ليس معهم أحاديث مثل هذه.

ورابعها: أن الإمام أحمد قال: أحسنها -يعني أحاديث هذا الباب-

<<  <   >  >>