للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعل ذلك عمر، وأقره المسلمون" (١).

وبهذا يظهر لك ضعف قول ابن خزيمة رحمه الله: "وهذا صحيح عن عمر بن الخطاب أنه كان يستفتح الصلاة مثل حديث حارثة، لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولست أكره الافتتاح بقوله: (سبحانك اللهم وبحمدك) على ما ثبت عن الفاروق -رضي الله عنه -، أنه كان يستفتح الصلاة، غير أن الافتتاح بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خبر علي بن أبي طالب وأبي هريرة وغيرهما بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه - صلى الله عليه وسلم -، أحب إليَّ وأولى بالاستعمال، إذ اتباع سُنَّةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل وخير من غيرها" (٢). فإنه رحمه الله لم يسق كافة طرق الحديث، ولم يفطن إلى ما فطن له شيخ الإسلام من أن الفاروق لم يكن ليجهر بها في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمها الناس، ويقره الصحابة لو لم يعلموا أنها سنة، وهكذا فعل ابن عباس حين جهر بالفاتحة في صلاة الجنازة، وقال: "لتعلموا أنها سنة".

وإذا أردتَ أن تعلم أنه لا يمكن خروجه إلا من مشكاة النبوة؛ فانظر إلى شرحه في "مجموع الفتاوى": ج ٢٢/ ص ٣٨٤، و"زاد المعاد" ج ١/ ص ٢٠٥.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وأهل العلم المأثور عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعظم الناس قيامًا بهذه الأصول، لا تأخذ أحدهم في الله لومة لائم، ولا يصدهم عن سبيل الله العظائم، بل يتكلم أحدهم بالحق الذي عليه ويتكلم في أحب الناس إليه، عملًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٣٥)} [النساء: ١٣٥] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: ٨] ولهم من التعديل والتجريح، والتضعيف والتصحيح، من


(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٣٤٤).
(٢) انظر: "صحيح ابن خزيمة" (١/ ٢٣٨ - ٢٣٩).

<<  <   >  >>