للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوضِّحُ هذا: أنه لا يكون مدركًا للركعة، إلا إذا أدرك الإمام في الركوع، وإذا أدركه بعد الركوع لم يعتد له بما فعله معه، مع أنه قد أدرك معه القيام من الركوع والسجود وجلسة الفصل، ولكن لما فاته معظم الركعة -وهو القيام والركوع- فاتته الركعة، فكيف يقال مع هذا أنه قد أدرك الصلاة مع الجماعة؟! وهو لم يدرك معهم ما يحتسب له به، فإدراك الصلاة بإدراك الركعة، نظير إدراك الركعة بإدراك الركوع، لأنه في الموضعين قد أدرك ما يعتد له به، وإذا لم يدرك من الصلاة ركعة كان كمن لم يدرك الركوع مع الإمام في فوت الركعة، لأنه في الموضعين لم يدرك ما يحتسب له به، وهذا من أصح القياس" (١).

ويدل على صحة ما ذهب إليه الشيخ رحمه الله قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءاتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣] فلولا أن الركوع هو العمدة في إدراك الصلاة ما خصه بالذكر.

وأما تضعيف البخاري له؛ فلأنه يخالف مذهبه في أن الركعة لا تدرك إلا بقراءة الفاتحة، وهو خلاف ما عليه عامة الصحابة، وهو من الأدلة على تأثره عليه رحمه الله بمذهب أبي داود الظاهري في بعض المسائل.

ويشهد له أيضًا ما رواه الترمذي عن علي ومعاذ مرفوعًا: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حاله، فليصنع كلما يصنع الإمام" (٢). وقال: حديث غريب، لا نعلم أحدًا أسنده إلا ما روي من هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم. انتهى.

وفي إسناده الحجاج بن أرطاة.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": "وينجبر ضعفه بما رواه سعيد بن منصور عن أناس من أهل المدينة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وجدني قائمًا، أو


(١) انظر: مجموع الفتاوى: (٢٣/ ٣٣٣).
(٢) أخرجه الترمذي في سننه: (٢/ ٤٨٦).

<<  <   >  >>