للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعمر إمام مجمع على جلالته، فلا يضر تفرده به.

وقال أبو محمد ابن حزم: محمد بن عبد الرحمن ثقة، وباقي رواة الخبر أشهر من أن يُسْأَلَ عنهم.

وقال النووى في "خلاصته": "هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، ولا يقدح فيه تفرد معمر، فإنه ثقة حافظ، فزيادته مقبولة".

والحق أن الحديث صحيح بلا ريب، لعدة أمور:

الأول: أن الحديث له طريق آخر، قال البيهقي: "أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن القاضي قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصمغاني، ثنا معاوية -يعني ابن عمرو- عن أبي إسحاق -يعني الفزاري- عن أبي أنيسة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "غزوتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك، فأقام بها بضع عشرة، فلم يزد على ركعتين حتى رجع". وهذا إسناد صحيح، وما يخشى من غلط معمر زال بهذا الطريق.

الثاني: أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، وهذا في "الصحيحين" وغيرهما.

الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر ويجمع في تبوك، فقد روى مسلم عن مُعَاذٍ -رضي الله عنه- قال: "خَرَجْنَا مع رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جميعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جميعًا" (١).

الرابع: أن أهل السِّيَرِ اتفقوا على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقي في تبوك بضعة عشر يومًا، والبضع من الثلاث إلى التسع، ومن المعلوم في كلام العرب أنهم يُجُبِرُونَ الكَسْرَ، فلا اختلاف بين الروايتين.

الخامس: أنه لم يُنْقَلْ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أتم الصلوات، أو تنفَّل بينها في سفر،


(١) أخرجه مسلم (٧٠٦).

<<  <   >  >>