للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو إسناد صحيح كلما لا يخفى، وتعليله جاء من قبل متنه، والحق أنه لا غبار على المتن، كما سيتَّضِح.

قال المستدرِكُ: "وكلمة هؤلاء الأئمة تلتقي في معنى واحد، وهو أن جريرًا وهم في هذا الحديث، فالحديث ليس فيه نزول من المنبر، بل الصحيح عن ثابت عن أنس: "أقيمت الصلاة فأخذ ... " كما ذكره البخاري".

ثم قال المستدرِكُ: "والجواب على ذلك: أن قوله: "حتى نعس بعض القوم"، لا يتأتَّى بعد نزول الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المنبر، بل هو في صلاة العشاء غالبًا".

* قلت: هذا الذي استبعده من نقلت عنه من الأئمة جاء صريحًا في الصحيح، قال الإمام مسلم: حدثنا شَيْبَانُ بن فَرُّوخَ، حدثنا سُلَيْمَانُ بن الْمُغِيرَةِ، حدثنا حُمَيْدُ بن هِلالٍ، قال: قال أبو رِفَاعَةَ: "انْتَهَيْتُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يَخْطُبُ، قال: فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ رَجُل غَرِيبٌ، جاء يَسْأَلُ عن دِينِهِ، لا يَدْرِي ما دِينُهُ. قال: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حتى انْتَهَى إلي، فَأُتِيَ بِكُرْسِى، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قال: فَقَعَدَ عليه رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ الله، ثُمَّ أتى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا" (١).

وهو كما ترى أشد من الصورة الأولى، وبهذا يتضح لك أن التعليل أمر نسبي، يصيب ويخطئ، وليس وحيًا من السماء، وأن إتقان العلم لا يتأتَّى بمجرد التقليد، فالحمد لله الذي وفَّق الشيخ -عليه رحمة الله- لما فات غيره.


(١) أخرجه مسلم (٨٧٦).

<<  <   >  >>