للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن شاهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التابعين فحدَّث حديثًا منقطعًا عن النبي- صلى الله عليه وسلم -؛ اعتبر عليه بأمور: منها: أن ينظُرَ إلى ما أرسل من الحديث، فإن شرِكَهُ فيه الحفَّاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل معنى ما روى؛ كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه.

وإنِ انفردَ بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده؛ قُبِل ما يفرد به من ذلك، ويعتبر عليه بأن ينظر: هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الذين قبل عنهم؟

فإِنْ وُجِدَ ذلك؛ كانت دلالة يقوي له مرسله، وهي أضعف من الأولى.

وإن لم يوجد ذلك؛ نظر إلى بعض ما يٌروى عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولاً له، فإن وُجِدَ يوافقُ ما رُوِيَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله" (١).

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله:

"وقد كان أحمد بن حنبل يختار الأحاديث الموقوفات عن الصحابة على المرسلات عن النبي -صلى الله عليه وسلم -، لذلك حُدِّثْتُ عن عبد العزيز بن جعفر قال: أنا أبو بكر الخلال قال: أخبرني محمد بن موسى أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: قلتُ لأبي عبد الله: حديث مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - برجال ثبت؛ أحبُّ إليك، أو حديث عن بعض الصحابة والتابعين متَّصِل برجال ثبت؟

قال أبو عبد الله: عن الصحابة أعجب إليَّ" (٢).

قال الحافظ ابن عبد البر عند كلامه على أسانيد حديث: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته":

"اختلف العلماء في هذا الإسناد؛ فقال محمد بن عيسى الترمذي: سألتُ


(١) انظر الرسالة: (ص ٤٦١).
(٢) انظر الكفاية في علم الرواية: (١/ ٣٩٣).

<<  <   >  >>