للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم:

"قالوا: وأما قولكم إن الاستثناء دليل التناول ... إلى آخره، فلا ريب أن الاستثناء أخرج صورة الفرض من عموم النهي.

فصورة الاقتران بما قبله، أو بما بعده أخرجت بالدليل الذي تقدم فكلا الصورتين مخرج، أما الفرض؛ فبالمخرج المتصل، وأما صومه مضافًا؛ فبالمخرج المنفصل، فبقيت صورة الإفراد، واللفظ متناول لها، ولا مخرج لها من عمومه، فيتعين حمله عليها" (١).

والحديث حسَّنه الترمذي، وصحَّحه ابن حبان.

وكراهة إفراده مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة.

وما ذهب إليه الأئمة الثلاثة هو الحق، فقد روى اين أبي حاتم في "تفسيره": حدثنا أبي، ثنا الحسن بن الربيع، ثنا عبد الله بن إدريس، ثنا محمد بن إسحاق، حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: ١٦٣] قال: قال ابن عباس: "ابتدعوا السبت، فابتلوا فيه، فحرمت عليهم الحيتان، قوله تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ} " (٢). [الأعراف: ١٦٣].

فهذا الأثر صريح في أن تعظيمهم يوم السبت هو من ابتداعهم.

وعليه فيستفاد منه أمران:

الأول: تحريم تخصيص يوم السبت بعبادة.

الثاني: أن هذا التعظيم لا يتحقق إلا بإفراده، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم: "أتريدين أن تصومي غدًا"؟


(١) انظر: "تهذيب السنن" (٧/ ٥١).
(٢) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (٥/ ١٥٩٨).

<<  <   >  >>