للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام رحمه الله:

"وكذلك التصحيح؛ لم يقلد أئمة الحديث فيه البخاري ومسلمًا؛ بل جمهور ما صححاه كان قبلهما عند أئمة الحديث صحيحًا متلقًّى بالقبول، وكذلك في عصرهما، وكذلك بعدهما، قد نظر أئمة هذا الفن في كتابيهما، ووافقوهما على تصحيح ما صححاه إلا مواضع يسيرة، نحو عشرين حديثًا، غالبها في مسلم، انتقدها عليهما طائفة من الحفاظ، وهذه المواد المنتقدة غالبها في مسلم، وقد انتصر طائفة لهما فيها، وطائف قررت قول المنتقدة.

والصحيح: التفصيل، فإن فيها مواضع منتقدة بلا ريب، مثل حديث أم حبيبة، وحديث خلق الله التربة يوم السبت، وحديث صلاة الكسوف بثلاث ركوعات وأكثر، وفيها مواضع لا انتقاد فيها في البخاري، فإنه أبعد الكتابين عن الانتقاد، ولا يكاد يروي لفظًا فيه انتقاد إلا ويروي اللفظ الآخر الذي يبين أنه منتقد فما في كتابه لفظ منتقد، إلا وفي كتابه ما يبين أنه منتقد.

وفي الجملة: من نقد سبعة آلاف درهم فلم يرج عليه فيها إلا دراهم يسيرة، ومع هذا؛ فهي مغيرة ليست مغشوشة محضة، فهذا إمام في صنعته، والكتابان سبعة آلاف حديث وكسر.

والمقصود: أن أحاديثهما انتقدها الأئمة الجهابذة قبلهم وبعدهم، ورواها خلائق لا يحيى عددهم إلا الله، فلم ينفردا لا برواية، ولا بتصحيح، والله سبحانه وتعالى هو الكفيل بحفظ هذا الدين، كما قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهٌ لَحافِظُونَ) [الحجر: ٩] " (١).

وقال الزركشي رحمه الله:

"وأصحاب الصحيح: إذا رووا لمن تكلم فيه، وضُعِّفَ؛ فإنهم يثبَّتون من حديثه ما لم ينفرد به؛ بل وافق فيه الثقات، وقامت شواهد صدقه.


(١) انظر منهاج السنة النبوية: (٧/ ٢١٥).

<<  <   >  >>