للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطالما تبجح أركون ونصر أبو زيد بهذه الآليات، وأن اعتمادها كاف لتجاوز النص الديني برمته.

وطوال عصور الإسلام الخالدة بما فيها عصور الضعف والانحطاط والوهن كان لا يسمع في أرجاء العالم الإسلامي إلا القرآن والسنة وأحكامهما وما تفرع عنهما من فقه واستنباط. ولم يكن يُرفع صوت فوق صوت القرآن والسنة، وأن أحكامهما فوق كل حكم وكل تشريع وكل قانون. وهكذا صار الحال في المغرب، فكان إلى فقهاء المالكية المفزع والمرجع في كل شيء، منهم القضاة والحكام، ولا نعرف في تاريخ المغرب خروجا عن أحكام المذهب المالكي لا في البيوع ولا في قضاء الأسرة، ولا في الحدود ولا غيرها. وهذه تواريخ المغرب مدونة ومنشورة. وهذه كتب النوازل والأحكام للونشريسي والعلمي والوزاني والبرزلي وغيرها، يظهر فيها جليا أن الشريعة الإسلامية هي الحكم في كل شيء.

وهذه كتب الوثائق وأحكام القضاء مدونة معروفة كتبصرة ابن فرحون والمتيطية وغيرها، بل حتى حكام المغرب إلى ما قبل الاستعمار لم يعرف في تاريخهم الطويل تحكيم غير الشريعة الإسلامية، ممثلة في المذهب المالكي، ولم يعرف عن واحد منهم أنه ألغى أحكام الشريعة واستبدلها بقوانين أخرى مناقضة لها ومعارضة لأحكامها.

إلى أن جاء الاستعمار فأحكم سيطرته، وفرض أحكامه، وألغى حكم الشريعة واستبدلها بقوانينه الوضعية، ثم بعد الاستقلال الصوري بقي الحال على ما هو عليه، وإلى الله المشتكى وحده لا شريك له.

وخلف الاستعمار خلفه فلولا من العلمانيين يسهرون على تنفيذ خططه والإجهاز على ما تبقى من أحكام الشريعة «مدونة الأسرة»، ثم لا زالت شوكة

<<  <   >  >>