للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعلمانية كانت في صورتها العامة عبارة عن تسويات تاريخية فرضتها أجواء الحروب الدينية، مما جعل من غير الممكن استمرار الوضع على ما هو عليه، أو العودة به إلى ما قبل مرحلة الحروب الدينية» (١).

أدارت الكنيسة البابوية حروبا دائمة ولا هوادة فيها ضد من أسمتهم هراطقة الداخل وضد وثنيي وكفرة الخارج (٢).

مرت أوروبا على امتداد (١٣٠) سنة (١٥٥٩ - ١٦٨٩) أي منذ ظهور الحركة البروتستانتية في الشمال الأوروبي ثم محاولة امتدادها نحو الوسط، بحالة واسعة من الاضطرابات السياسية والحروب الدينية المفزعة (٣).

لذلك وفي ظل هذا الجو القاسي المفزع كان لابد من الخلاص من هذا الكابوس المرعب.

في حين كان الإسلام عامل راحة وطمأنينة لجميع المسلمين، ولم يَقُد رجال الدين فيه حروبا دينية، ولم تعش البلاد الإسلامية رعبا باسم الإسلام.

والحاصل أن العلمانية الأوروبية كانت رد فعل لصكوك الغفران والحرمان والطغيان الكنسي ومظالم الحكومة الدينية المتحدثة باسم الله، والتي اعتبرت كل ما لم يرضه رجال الكنيسة مخالفا للإرادة الإلهية (٤).

وكانت ردة فعل للحروب الدينية التي أفزعت أوروبا وأقلقت راحتها.

وقد اعترف جمع من العلمانيين بأن العلمانية نبت غربي محض، خارج إطار التطور الطبيعي لبلادنا الإسلامية:


(١) في العلمانية والدين والديمقراطية (٢٦).
(٢) نفس المرجع (٢٧).
(٣) نفس المرجع (٢٧).
(٤) انظر تهافت العلمانية في الصحافة العربية (٧٤).

<<  <   >  >>