للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - الحجة الثالثة:

أنهم قالوا: إذا وقعت واقعة، ولم يجد المفتي سوى خبر الواحد، فلو لم يحكم به لتعطلت الواقعة عن حكم الشارع، وذلك ممتنع.

قال الآمدي: " ولقائل أن يقول: خلو الواقعة عن الحكم الشرعي، إنما يمتنع مع وجود دليله، وأما عدم الدليل فلا، ولهذا فإنه لو لم يظفر في الواقعة بدليل ولا خبر الواحد، فإنه لا يمتنع خلو الواقعة عن الحكم الشرعي، والمصير إلى البراءة الأصلية ... ".

قلت: وهذا منه رحمه الله كاف في دفع هذه الحجة الثالثة بمثاله المذكور، فلا حاجة للإطالة في ذكر بقية جوابه.

قال الآمدي:

٤ - الحجة الرابعة:

قالوا: إنه لو لم يكن خبر الواحد واجب القبول، لتعذر تحقيق بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى كل أهل عصره. وذلك ممتنع، وبيان ذلك أنه لا طريق إلى تعريف أهل عصره إلا بالمشافهة أو الرسل، ولا سبيل له إلى المشافهة للكل لتعذره، والرسالة منحصرة في عدد التواتر والآحاد، والتواتر إلى كل أحد متعذر، فلو لم يكن خبر الواحد مقبولاً، لما تحقق معنى التبليغ والرسالة إلى جميع الخلق فيما أرسل به، وهو محال مخالف لقوله تعالى: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).

قال الآمدي رادّاً:

ولقائل أن يقول: إنما يمتنع ذلك لو كان التبليغ إلى كل من في عصره واجباً، وأن كل من في عصره مكلف بما بعث به، وليس لذلك. بل إنما هو مكلف بالتبليغ إلى من يقدر على إبلاغه، إما بالمشافهة أو

<<  <   >  >>