للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر الترمذي، أن هؤلاء وأمثالهم، ممن تكلم فيه من قبل حفظه وكثرة خطأه، لا يحتج بحديث أحد منهم إذا انفرد - يعني من الأحكام الشرعية والأمور العلمية - وأن أشد ما يكون ذلك إذا اضطرب أحدهم في الإسناد فزاد فيه أو نقص، أو غيَّر الإسناد أو غيَّر المتن تغييراً يتغتر به المعنى. . . ".

قلت: فهذا أشد مما ذكر ابن رجب، فإنه وإن لم يكن مضطرباً سنداً، لكنه في سياقه اختلاف، فهو مضطرب متناً: فتارة يقول: فأمر بلقحة فحلبت.

ثم يقول: فقام إلى لقحة في الدار، فأخذ يحلب من جانب وأحلب من جانب.

وطوراً يقول: " بعد الصبح ".

ثم يقول: " هو الصبح ".

ومرة يقول: كان بلال يأتي النبي وهو يتسحر، وإني لأبصر مواقع نبلي - والمبصر حذيفة - ومرة يقول: " كان الرجل يبصر مواقع نبله " - والسائل زر.

وقد يجاب عن جميع هذا بأنه يحمل على التعدد في الواقعة، أو حكاية الرواة للحديث بالمعنى.

قلت: وهو جواب محتمل غير مدفوع، لا يقطع فيه.

لكن من يرى كالترمذي - على ما حكى ابن رجب - أن من كان سيئ الحفظ، أو كثير الخطأ، يرد ما جاء عنده من تفرد زائد على الخبر، فمن باب أولى أن يرد الحديث إذا كان الخبر كله مما تفرد به هذا الراوي.

<<  <   >  >>