للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَخْرُجُون منها قدِ اسْوَدَّوا، فيُلْقَوْنَ في نهر الحَيَاةِ فينبتون كما تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِى جَانِبْ السَّيْلِ، ألمْ تَرَ أنَهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً".

ــ

من قال لا إله إلاّ الله وعمل من الخير" ثم بعد هذا يخرج منها من لم يعمل خيراً " فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحياة " الذي من غمس فيه حَيي إلى الأبد " فينبتون كما تنبت الحبة " بكسر الحاء، أي كما تنبت البذرة المزروعة " ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية " أي ألا ترى كيف تخرج من الأرض عند بدايتها صفراء اللون جميلة المنظر منعطفة الأوراق، ثم تتمدد وتتفتح أوراقها بعد ذلك، وهذا مما يزيد الرياحين حسناً " كما أفاده القسطلاني.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: تفاضل أهل الإيمان في درجات إيمانهم، وذلك بسبب تفاضل أعمالهم، كما ترجم له البخاري، وأن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو مذهب أهل السنة والحديث، حجة ظاهرة لهم لأنه دل على أن من المؤمنين من يقل عمله حتى يكون كالخردلة، فينقص إيمانه تبعاً لذلك، وكل شيء قابل للنقص قابل للزيادة. ثانياً: أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار، ولا بخرج من الملة خلافاً للخوارج، لقوله - صلى الله عليه وسلم - " أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ". ثالثاً: أن مرتكب المعاصي معرض للعقوبة في الدار الآخرة، ودخول النار، إلاّ أن يعفو الله عنه، لقوله - صلى الله عليه وسلم - " فيخرجون منها وقد اسودوا " خلافاً للمرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإِيمان ذنب، حيث صرح في هذا الحديث أنّ العصاة يدخلون النار حتى تسوّد وجوههم. المطابقة: في كونه يدل على أنّ الإِيمان يتفاوت في القلة والكثرة وهو عين التفاضل كما أفاده العيني.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>