للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: " وأيكُمْ مِثْلِي إِنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ " فَلَمَّا أبَواْ أنْ يَنْتَهُوا عن الْوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمَاً ثُمَّ يَوْماً، ثمَّ رَأوا الْهِلالَ فَقَالَ: " لَوْ تَأخرَ لَزِدْتُكُمْ " كالتنكِيل لَهُمْ حِينَ أبوا أن يَنْتَهُوا.

ــ

إنك تواصل" أي فكيف تنهانا عن شيء تفعله وقد أمرتنا باتباع سنتك؟ " قال: وأيكم مثلي؟ " وهو استفهام بمعنى النفي، أي ليس الأمر كما تظنون، فإن الوصال لم يشرع لكم، وإنما هو خصوصية من خصوصيات نبيكم، فلا تقيسوا أنفسكم عليَّ، فإنكم لستم مثلي، ولا تقدرون على ما أقدر عليه، وفي رواية " إني لست كهيئتكم " " إني أبيت يطعمني ربي ويسقين " أثناء الليل ويمدني بالطعام والشراب فيه، أو يعطيني قوة الأكل والشرب فيه، وبذلك يمكنني من مواصلة الصيام دون إعياء، ويُحتمل أنه أراد به حقيقة الأكل والشرب. وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بطعام وشراب من عند الله تعالى كرامة له في ليالي صيامه، ولا يقال إن هذا الاحتمال يضعفه قولهم: إنك تواصل، وكونه يؤتى بالطعام والشراب ليلاً ينافي الوصال، لأنّ هذا الإِطعام والاسقاء من باب الكرامة، ولا تجري عليه أحكام المكلفين. " قال " " فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال " أي تمادوا عليه " واصل بهم " أي استمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم على مواصلة الصوم يومين " ثم رأوا الهلال " أي هلال شوال، " فقال - صلى الله عليه وسلم -: لو تأخر لزدتكم " أي ليته تأخر هلال شوال حتى أزيد في عدد أيام الوصال، " كالتنكيل لهم " أي قال ذلك زجراً وتأديباً لهم، حيث كلفوا أنفسهم ما لا يطيقون، ولذلك قال لهم كما في رواية أخرى: " فاكْلَفُوا من العمل ما تطيقون ". الحديث: أخرجه الشيخان.

ويستفاد منه: كراهية الوصال، وهو مذهب الجمهور حيث حملوا النهي

<<  <  ج: ص:  >  >>