للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَقُومُ اللَّيْلَ" فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وأفْطِرْ، وَقُمْ ونَمْ، فَإِنْ لِجَسَدِكَ عَلَيكَ حَقَّاً، وِإنْ لِعَيْنكَ عَلَيْكَ حَقاً، وِإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيكَ حَقَّاً، وِإنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقَّاً، وِإن بحسبك أن تَصُومَ من كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيَّام، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ " فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَليَّ، قْلْتُ: يا رسُولَ اللهِ إني أجِدُ قوةً، قَالَ: " فَصُمْ صِيَامَ نِبِّي اللهِ دَاوُدَ عَلَيه السَّلامُ، ولا تَزِدْ " قُلت: وَمَا كَانَ صِيَام نَبيِّ اللهِ دَاود؟ قَالَ: " نِصْفَ الدَّهْرِ " وكان عَبْدُ اللهِ يَقُولُ بَعْدَمَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِى قَبِلْت رخْصَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ".


الدهر ويقوم الليل كله، وكان أبوه قد زوجه بامرأة ذات حسب، وكان يتعاهدها فيسألها عن زوجها، فتقول، نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشاً ولم يفتش لنا كنفاً كناية عن أنه لا يباشرها، وذلك لانشغاله طول حياته بالصيام والقيام، فذهب أبوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بحاله، فاستدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: لقد سمعت وأُخبرت بأنك تصوم الدهر وتقوم الليل كله، قال: نعم، فعلت ذلك، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، لأن الله قد أوجب عليه حقوقاً جسمية واجتماعية لا بد أن يؤديها، فحق الجسم أن يعطيه نصيبه من النوم والراحة، وحق الزوجة أن يجعل لها وقتاً لمعاشرتها ومباشرتها، وحق الزائر أو الضيف أن يستقبله ويكرمه، ويؤانسه فإذا أعطى للعبادة وقته كله قصر في أداء هذه الحقوق الأخرى، وهي واجبة، ولذلك نصحه أن يقتصر في الصوم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وله عن كل حسنة عشر أمثالها، فالثلاثة الأيام تحسب عند الله ثلاثين يوماً، فيكون قد صام الدهر والأيام كلها، فقال عبد الله: إني أستطيع أكثر من ذلك، فقال له النبي: صم صيام داود عليه السلام، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا النوع

<<  <  ج: ص:  >  >>