للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إلَى أن تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ الَّتِي في بَطْنِهَا".

ــ

في شرح الحديث.

٧٤٠ - معنى الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع حبل الحبلة بفتح الباء في الكلمتين، وهو بيع من البيوع التي كان يمارسها العرب في الجاهلية، فحرمها الإسلام، ونهى عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ومعنى بيع حبل الحبلة الذي كانوا يتعاملون به في الجاهلية كما قال راوي الحديث أن الرجل كان يشتري البعير بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة ناقة، وتكبر تلك الناقة التي ولدتها، وتلد أيضاًً مثل أمها، وإنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا البيع لأن الأجل فيه مجهول، فهو بيع غرر.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: تحريم بيع حبل الحبلة، واختلف الفقهاء في معناه، فقال مالك والشافعي وغيرهما: هو أن يقول البائع بعتك هذه السلعة بثمن مؤجل إلى أن تنتج هذه الناقة، ثم تنتج التي في بطنها، وهو بيع حرام وباطل وبيع غرر لأن الأجل فيه مجهول، وقال أحمد: هو بيع ولد الناقة، وهو بيع غرر أيضاًً، لأنه بيع شيء مجهول إلى أجل مجهول، وهو محرم وباطل، لما ذكرنا، ولأنه غير مقدور على تسليمه إلا أن راوي الحديث قد فسر بيع حبل الحبلة بالأول وتفسير الراوي مقدم إذا لم يخالف الظاهر. ثانياًًً: استدل البخاري بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع حبل الحبلة على تحريم بيع الغرر، وهو كل بيع احتوى على جهالة، أو كان المبيع غير مقدور على تسليمه، أو غير تام الملكية، كالعبد الآبق، والسمك في الماء الكثير، لأن العلة في النهي عن بيع حبل الحبلة هي الغرر، فيدخل في ذلك جميع بيوع الغرر. والحكمة في تحريمه - كما أفاده الزرقاني (١) أنه أكلٌ لأموال


(١) " شرح الزرقاني على الموطأ " ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>