للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك نفذ، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة منها: أن الموهوب للنعمان كان جميع مال أبيه، حكاه ابن عبد البرّ. وتعقب بأن الكثير من طرق الحديث مصرحة بالبعضية كما في حديث مسلم حيث قال: " تصدق علي أبي ببعض ماله ". ومنها: أن قوله: " ارجعه " دليل الصحة، ولو لم تصح الهبة لما صح الرجوع، قالوا: وإنما أمره بالرجوع لأن للوالد أن يرجع فيما وهب لولده، وتعقبه " الحافظ " بأن معنى قوله: " ارجعه " أي لا تمض الهبة المذكورة ولا يلزم من ذلك تقدم صحة الهبة. ومنها: أنه قد ثبت عن الصديق أنه نحل ابنته عائشة، وروى الطحاوي عن عمر أنه نحل ابنه عاصماً دون سائر ولده، ولو كان التفضيل غير جائز لما وقع من الخليفتين، وقد أجاب عروة عن قصة عائشة بأن إخوانها كانوا راضين، قال الحافظ: ويجاب بمثل ذلك في قصة عاصم. ومنها: أن الإِجماع انعقد. على جواز عطية الرجل لغير ولده فجوازه للولد أولى، وأجاب عنه الحافظ بأنه قياس مع النص وهو باطل. قال ابن قدامة: يجب (١) على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية إذا لم يختص أحدهم بمعنى يفيد التفضيل، فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم فيها أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما ردّ ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر. قال طاووس: لا يجوز ذلك ولا رغيف محترق، وبه قال ابن المبارك. وروي معناه عن مجاهد وعروة، وكان الحسن يكرهه ويجيزه في القضاء. وقال مالك والليث والثوري والشافعي وأصحاب الرأي: ذلك جائز لأن أبا بكر رضي الله عنه نحل عائشة جذاذ عشرين وسقاً دون سائر ولده. واحتج الشافعي بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أشهد على هذا غيري " حيث أمره بتأكيدها دون الرجوع فيها، ولأنها عطية تلزم بموت الأب، فكانت جائزة كما لو ساوى بينهم. قال ابن قدامة: ولنا ما روى النعمان بن بشير


(١) " المغني " ج ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>