للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيلَةً بالرَّحِيل، فَقمْت حِينَ آذَنوا بالرحِيل فَمَشَيْت حَتَّى جَاوَزْت الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيت شَأنِي أقْبَلْت إِلَى الرَّحْل، فَلَمَسْت صَدْرِي فَإِذا عِقدٌ لي مِنْ جَزْعِ أظَفَارَ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْت فالتمسْت عِقْدِي فحبَسَنِي ابتغَاؤُهُ، فَأقبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلونَ لي، فاحْتَمَلوا هَوْدَجِي، فَرَحَلوه عَلَى بَعِيري الذي كُنْت أرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسَبونَ أنِّي فِيه، وكانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافاً لَمْ يَثْقُلْنَ، ولمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْم، وِإنَّما يَأكلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ

ــ

إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته تلك وقفل" أي عاد من غزوته، " ودنونا من المدينة " أي اقتربنا منها " آذن بالرحيل " أي أعلن عن رحيله " فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني " أي فلما انتهيت من قضاء حاجتي " فإذا عقد لي من جزع أظفار " بالفتح، الخرز اليماني، اشتهرت بهذه العقود المنظومة من الخرز الأسود الذي فيه عروق بيضاء، " قد انقطع " أي فلما لمست صدري وجدت عقدي هذا قد انقطع " فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه " أي فعدت أبحث عن عقدي فأخّرني التفتيش عنه عن العودة إلى هودجي " فأقبل الذين يُرَحلون " (بضم الياء، وفتح الراء) أي فجاء الذين يشدون رحلي على بعيري " فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه " أي يظنون أنني موجودة داخل الهودج، ولم يشعروا بعدكم وجودي، لأن وجودي أو عدمه لا يؤثر في ثقل الهودج أو خفته بشيء ثم بينت سبب ذلك فقالت: " وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يثقلن " أي كن خفاف الأجسام، لم يثقلهن الشحم الكثير، والسمن الفاحش لأنهن لم يكن يأكلن كثيراً، ولا يتناولن الأطعمة الدهنية الدسمة إلاّ نادراً " وإنما يأكلن العُلقة من الطعام " بضم العين وسكون اللام، وهو القليل من الطعام، حيث كن يرين ثلاث

<<  <  ج: ص:  >  >>