للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩١١ - عَنْ أبِي هرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

أنَّ رَسُولَ اللهَ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " نَاركُمْ جزْء من سَبْعِينَ جزْءَاً منْ نَارِ جَهَنَّمَ " قِيلَ: يَا رَسولَ اللهِ إنْ كَانَتْ لكَافِيَةً، قَالَ: " فضِّلَتْ عليهَا بِتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جزْءاً كُلُّهنَّ مِثْلُ حَرِّهَا ".

ــ

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن معظم الحميات نارية ناشئة عن حرارة جهنم، مباشرة، أو عن حرارة الصيف التي هي نَفَس من أنفاسها. فالحمى نفس من أنفاس جهنم، يصيب المحموم، فتصيبه تلك الحرارة الشديدة التي تشتعل في قلبه وتنتشر في دمه وعروقه وسائر أعضاء بدنه. ثانياً: تخفيف الحمى بالماء البارد، وذلك بشربه وغسل الأطراف به (١) قال ابن القيم: خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث خاص بأهل الحجاز ومن والاهم إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية الحادثة من شدة حرارة الشمس، وهذه ينفعها الماء البارد شرباً واغتسالاً، وذكر أن أصحاب هذه الحمى ينفعهم الماء كثيراً، وقد يغنيهم عن العلاجات الأخرى. ثالثاً: في الحديث وصف لنار جهنم وشدة حرارتها، وكونها مخلوقة الآن لأنّها لو لم تكن موجودة الآن كيف تكون الحمّى نفس من أنفاسها. والمطابقة: في قوله: " الحمى من فيح جهنم " حيث دل على أن جهنم موجودة الآن خلافاً للمعتزلة.

٩١١ - معنى الحديث: أن نسبة الطاقة الحرارية الموجودة في نار الدنيا كنسبة جزء إلى سبعين جزءاً من حرارة نار جهنم في الدار الآخرة، قال الحافظ: والمراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخاص، فلما سمع ذلك بعض الصحابة قال: إن نار الدنيا كافية في الإحراق، مجزئة في الإِيلام، فهي محرقة


(١) وقد نصح الطب الحديث المحموم بالحمام البارد لتخفيض الحرارة، أو بكمادات بالماء البارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>