للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَهَبَ عنه ما يَجِدُ، لو قَالَ: أعُوذُ باللهِ مِنَ الشيطانِ، ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: تَعَوَّذْ باللهِ مِنَ الشيطَانِ، فَقَالَ: وَهَلْ بِي جُنُونٌ!

ــ

نفسه وهي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لأن الغضب نزعة شيطانية (١) تخرج الإِنسان عن حالته العادية، ويأتي ببعض الأعمال الجنونية، كتقطيع ثوبه، وكسر آنيته، وشتم من أغضبه. أو ضربه أو قتله فإذا استعاذ العبد بالله واعتصم به، حماه من الشيطان، ومنعه من التسلط عليه " قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان " " فقالوا له: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " تعوذ بالله من الشيطان، فقال: وهل بي جنون " قال النووي: هذا كلام من لم يفقه في دين الله، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالمجانين، ولم يعلم أن الغضب من نزعات الشيطان، والاستعاذة تذهب الغضب وهي أقوى سلاح على دفع كيده. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن أقوى علاج لتسكين الغضب والقضاء عليه الاستعاذة بالله من الشيطان بنية صادقة، وعزيمة قوية، ويقين وإخلاص، لأن الغضب نزعة شيطانية شريرة، والاستعاذة أقوى سلاح لمحاربة الشيطان فإذا لٍم يستعمل هذا السلاح سخّره في كل ما يغضب الله من أعمال إجرامية إشباعا لغريزة التشفي والانتقام، ولهذا جاء في الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: لا تغضب ولك الجنة، رواه الطبراني في الكبير والأوسط لأنه يولّد الحقد (٢) والحسد، وإضمار السوء، وهجر المسلم


(١) أي نزعة شيطانية تدفع صاجها إِلى الانتقام، وارتكاب الأفعال الاجرامية.
(٢) شرح الزرقاني على " الموطأ " ج ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>