للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثها على حديث أبيها الذي قاله عن مشاهدة ومعاينة وحضره بنفسه؟. اهـ. كما أفاده القاضي عياض. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: " بينا أنا نائم في المسجد الحرام " وذكر القصة فقد قال عياض: ليس في الحديث أنه كان نائماً في القصّة كلها، فلعله كان نائماً، فلما جاءه جبريل أيقظه كما قال في رواية أخرى فهمزني بعقبه، وأما قوله " ثم استيقظت وأنا في المسجد الحرام " فلعل معناه أنّه لما عاد - صلى الله عليه وسلم - نام بقية تلك الليلة فلما استيقظ في الصباح وجد نفسه في المسجد الحرام.

واستدل القائلون بأن الإسراء والمعراج كانا بالجسد والروح معاً بقوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) حيث افتتحها الله بالتسبيح المشعر باستعظام ما كان في الأمر، والتعجب منه، لأنه حادث خارق للعادة، مخالف للسنن الكونيّة، فلو كان الإسراء بالروح فقط لم يكن ثمة ما يقتضي هذا لأنه أمر عادي يقع لكل واحد. ثم إنه قال " بعبده " وهو نص قاطع في الموضوع، لأن العبد لا يطلق إلاّ على الشخص المكون من الروح والجسد واستدلوا أيضاً بما جاء في أحاديث الإسراء والمعراج من أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أخبرهم بذلك هاج هائجهم، وقامت قيامتهم، فمنهم الواضع يده على رأسه تعجباً، ومنهم المصفق بيده، وارتد بعض من كان على الإِسلام، فهل ترى أن ذلك كله كان من أجل رؤيا منامية أخبرهم عنها - صلى الله عليه وسلم -. كما أن في القصة ما هو أكثر وأقوى دلالة من هذا وهو أنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عيرهم فأجابهم بأنه مر بها، وقد ند منها بعير فانكسر، وأنه مر بعير أخرى قد ضلوا ناقة لهم، وكان معهم قدح من الماء فشربه - صلى الله عليه وسلم -، فسألوهم عندما قدموا مكة: فصدقوا ذلك، فهل ترى أن الروح هي التي شربت وقد قال الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في " مختصر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - " "ثم أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجسده على الصحيح (١) من المسجد الحرام


(١) " مختصر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - " للشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>