للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ أبو بَكْرٍ: أخرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيْحَ في الأرْض، وأعْبُدَ رَبِّي، فَقَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أبا بَكْر لا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْوِي الضَّيْفَ (١)، وَتُعِينُ عَلَى نَوائِبِ الْحَقِّ، فأنَا لَكَ جَارٌ، ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ، فرَجَعَ وارْتَحَلَ معَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَة عَشِيَّةً في أشْرَافِ قُرَيْشِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أبَا بَكْر لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ، ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِينَ عَلَى نَوائِبِ الْحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُريشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ وقالُوا لابنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكْر فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وَليْقَرأ مَا شَاءَ، ولا يُؤْذِينَا

ــ

مهاجراً إلى الحبشة، قالت عائشة: " فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجراً نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد " بفتح الباء وسكون اللام وكسر الغين موضع في طريق اليمن على بعد خمسة مراحل " لقيه ابن الدغنة " بالدال المفتوحة المشددة والغين المكسورة والنون المفتوحة المخففة " وهو سيد القارة " أي رئيس قبيلة القارة بفتح الراء، وهي من بني الهون بن خزيمة بن مدركة بن الياس " فقال ابن الدغنة: إن مثلك يا أبا بكر لا يخرج " بفتح الباء وضم الراء " ولا يخرج " بضم الياء وفتح الراء أي لا ينبغي أن يخرج بنفسه، ولا أن يخرجه قومه من بلده، " إنك تكسب المعدوم " أي إنك من المحظوظين في التجارة تربح ما لا يربح غيرك " وتصل الرحم، وتحمل الكل " أي تعين الضعيف العاجز " وتقوي الضيف " أي تكرمه " وتعين على نوائب الحق " أي وتقف عند الحوادث والنوازل إلى جانب الحق فتنصر المظلوم وتضرب على يد


(١) تقدم مثله فٍى وصف السيدة خديجة رضي الله عنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة من باب بدء الوحي، وشرحناه هناك شرحاً وافياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>