للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) الخ. وأحكام المعاشرة والمعاملة، إلا أن القدر الكافي في فقه المعاملات ما تمس الحاجة إليه " اهـ والحاصل أن العلم الواجب على كل مسلم هو معرفة الله ومعرفة رسوله، ومعرفة قواعد الإِيمان وأركان الإِسلام، وأن يعرف من الأحكام ما تتوقف عليه صحة العبادة، ويعرف من أحكام المعاملات ما يمارسه، ويحتاج إليه، فلا يقدم على شيء من بيع أو شراء أو نكاح أو طلاق حتى يعرف حكم الله فيه، ويسأل أهل العلم عنه. قال الحسن بن الربيع: سألت ابن المبارك عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " طلب العلم فريضة على كل مسلم " فقال: ليس هو الذي يطلبونه، ولكن فريضة على من وقع في شيء من أمر دينه أن يسأل عنه حتى يعلمه. وروى ابن عبد البر عن ابن وهب قال: سُئل مالك عن طلب العلم أهو فريضة على الناس، فقال: لا، ولكن يطلب المرء ما ينتفع به في دينه. وأما فرض - صلى الله عليه وسلم - الكفاية: فهو ما يجب أن يتخصص فيه طائفة من المسلمين فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولو تركه أهل البلد كلهم لأثموا جميعاً، وقد اختلف أهل العلم فيما يدخل في فرض الكفاية من العلوم الإِسلامية والإنسانية والمدنية قال ابن القيم: (١) كل واحد يدخل في ذلك -أي في هذا العلم الذي هو فرض كفاية- ما يظنه فرضاً، فيدخل بعض الناس الطب والحساب والهندسة، وبعضهم المساحة، وبعضهم الصناعة، ومن الناس من يقول: علوم العربية كلها فرض كفاية لتوقف فهم كلام الله ورسوله عليها، ومن الناس من يقول: إن أصول الفقه منها، لأنه العلم الذي يعرف به الدليل ومرتبته وكيفية الاستدلال به، ويرى ابن القيم أن هذه العلوم من باب ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب، وهو قول الغزالي أيضاً حيث يرى أن كل علم لا يُستغنى عنه (٢) في قوام أمر الدنيا كالطب الذي هو ضروري لحاجة بقاء الأبدان، والحساب الذي هو


(١) " سفر السعادة " لابن القيم.
(٢) " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>