للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ الْمَنْزِلُ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الغُلَامَيْنِ فساوَمَهُمَا بِالمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِداً، فَقَالا: لَا، بَلْ نَهِبُهُ لَكَ يَا رَسُول اللهِ، فَأبى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هِبَةً، حتى ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِداً، وَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ مَعَهُمْ اللَّبِنَ في بُنْيَانِهِ، وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ:

هذَا الحِمَالُ لَا حِمَالُ خَيْبَرْ ... هَذَا أبَرُّ رَبَّنَا وَأطْهَرْ

وَيَقول:

اللَّهُمَّ إِنَّ الأجْرَ أجرُ الآخِرَةِ ... فارْحَمِ الأنْصَارَ والْمُهَاجِرَه

فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُل مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي".

ــ

بركت ناقته في موضع مسجده - صلى الله عليه وسلم - "وكان مربداً للتمر " أي موضعاً يجفف فيه التمر " لسهل وسهيل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة " أي تحت وصايته - " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بركت به راحلته: هذا إن شاء الله المنزل " أي هذا هو الموضع والمكان الذي ننزل فيه إن شاء الله تعالى، لأن الله تعالى اختاره لنزولنا، وفي رواية عن أنس أنه قال: " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما دخل جاء الأنصار برجالها ونسائها، فقالوا: إلينا يا رسول الله، فقال: دعو الناقة فإنها مأمورة، فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري " (١) إلخ الحديث، وفي رواية موسى بن عقبة: أنه كان يقول: دعوها فإنها مأمورة، فإنما أنزل حيث أنزلني الله، فلما انتهت إلى دار أبي أيوب بركت به على الباب، فنزل فدخل بيت أبي أيوب حتى ابتنى مسجده ومساكنه " ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغلامين، فساومهما بالمربد " أي فساوم وصيَّهُما في شراء ذلك المربد كما في رواية ابن عيينة حيث قال فكلم عمهما أن يبتاعه منهما. كما أفاده الحافظ


(١) " البداية والنهاية " لابن كثير ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>