للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: إِذَا ضُيِّعَتِ الأمَانَةُ فانتظِر السَّاعَة قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: " إِذَا وُسِّدَ الأمْرُ إِلى غَيْرِ أهْلِهِ فانتظِرِ السَّاعَةَ ".

ــ

أي أين السائل عن الساعة؟ "قال: ها أنا يا رسول الله" أي لبيك يا رسول الله أنا حاضر بين يديك، قريب منك " قال: فإذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة " أي إذا ارتفعَتِ الأمانة، وصار الناس لا يشعرون بالمسؤولية نحو أي حق يتعلق بذمتهم، سواء كان هذا الحق مالاً أو عملاً أو سراً فقد أوشكت تلك الأمة أن تنتهي، ويقضى عليها، فانتظر ساعة نهايتها وزوالها، فإنها قد دنت، أو أوشكت الدنيا على الزوال إذا ارتفعت الأمانة منها. " قال: كيف إضاعتها " أي ما هي الأسباب المؤدية إلى إضاعتها وما علامة ذلك " قال: إذا وسدَ الأمر إلى في أهله فانتظر الساعة " أي إذا أسندت الأمور الهامة التي ترتبط بها مصالح المسلمين من إمارة وقضاء وحسبة وشرطة إلى غير أصحاب الكفاءات الشرعية والإِدارية والعلمية والفنية وسلمت لغير ذوي الاختصاص فقد ضاعت الأمانة وأوشكت الساعة أن تقوم، لأن الولاية أمانة ومسؤولية لا يمكن أن يؤديها إلاّ من كان عالماً بها ناصحاً فيها، مقدراً لمسؤوليته نحوها، فإذا وليها غير أهلها من الجهلة أو الخونة لم يقوموا بأدائها، فتضيع مصالح الناس، وتنتشر الفوضى، ويعم الظلم، وتتفشى العداوة والبغضاء، فينهار كيان المجتمع، ويؤدي ذلك إلى القضاء على الأمة، وعند ذلك انتظر الساعة، إما ساعة تلك الأمة خاصة إذا كان ضياع الأمانة في نطاقها، أو ساعة العالم كله إذا ارتفعت الأمانة من الدنيا كلها، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: وجوب العناية بالسائل وطالب العلم، والاهتمام به، وإجابته على سؤاله (١)، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال،


(١) وقد أمر الله تعالى بالعناية بالسائل وطالب العلم فقال عز وجل (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) قال بعض المفسرين: ليس السائل الذي يسأل الطعام، وإنما هو من يسأل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>