للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: أتُخَلِّفُنِي في الصِّبْيَانِ والنِّسَاءِ؟ فَقَالَ: ألا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أنَّهُ لَيْسَ نَبِيّ بَعْدِي ".

ــ

إسحاق: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلّ ما يخرج في غزوة إلا كنى عنها، إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنه بينها للناس لبعد المشقة، وشدة الزمان، وكثرة العدو، ليتأهب الناس لذلك أهبته، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثين ألفاً، وهو أكبر جيش خرج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، وكان الجيش منظّماً مرتباً موزّع الألوية والرايات، ولما انتهى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك بلغه خبر انسحاب الروم، ولم يقابل الروم هذا الزحف بزحف مقابل، وبتحركات عسكرية مضادة، بل كان هناك انسحاب مقابل هذا التحدي السافر، وصاروا يحسبون لهذه القوة الناشئة حساباً لم يحسبوه من قبل، وقد روى لنا سَعْدٌ في هذا الحديث " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى تبوك " وذلك في شهر رجب من السنة التاسعة من الهجرة كما ذكرنا وتقع تبوك في شمال الحجاز، على بعد ٧٠٠ كم من المدينة " واستخلف عليَّاً رضي الله عنه " أي تركه في المدينة ليكون نائباً عنه في الإِشراف على أهله ونسائه والقيام عليهن " فقال أتخلفني في الصبيان والنساء " أي أتتركني في المدينة مع النساء والصبية، ولا أخرج معكم إلى الجهاد، ولا أشارككم في القتال؟! " فقال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " أي أما ترضى أن تكون خليفة عني في سفري هذا، بمنزلة استخلاف موسى أخاه هارون على بنى إسرائيل حين توجه إلى الطور. اهـ. كما أفاده العيني.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ذكر غزوة تبوك، وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها لغزو الروم، وهو ما ترجم له البخاري. ثانياًً: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبَتْ عليه شجاعته وبطولته وإقدامه أن يبقى في المدينة بعيداً عن مواطن الجهاد والاستشهاد فقال: أتخلفني في الصبيان

<<  <  ج: ص:  >  >>