للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ما فَعَلَ كَعْبُ؟ " فَقَالَ رَجُلْ مِنْ بَنِي سَلِمةَ: يا رَسُولَ اللهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظرهُ في عِطْفَيْهِ، فقالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَل: بِئْسَمَا قُلْتَ: واللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ما عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيراً، فَسَكتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فلما بَلَغَنِي أنَّهُ تَوَجَهَ قَافِلاً حَضَرَنِي هَمِّي، فَطَفِقْتُ أتذَكَّرُ الْكَذِبَ، وأقولُ: بماذَا أخرُجُ من سَخَطِهِ غَداً، واسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأيٍ مِنْ أهْلِي، فلمَّا قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أظَلَّ قَادِماً زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أنَّي لَنْ أخرُجَ مِنْهُ أبداً بِشَيءٍ فِيه كَذِب، فأجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وأصبَحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَادِماً، وكانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأ بالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثم جَلَسَ لِلنَاسِ، فلمَّا فَعَلَ ذَلِكَ، جَاءَهُ

ــ

لا أرى إلَّا رجلاً متهماً في دينه " أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء " يعنى أو رجلاً معذوراً شرعاً لمرض بدني أو عجز جسمي كالأعمى والمقعد والمريض ونحوهم " ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك " أي ولم يتذكرني النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم أخطر بباله ولم يتحدث عني حتى وصل إلى تبوك " فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب " يعني أي شيء فعل كعب ولماذا تأخر عنا " فقال رجل من بني سلمة " وهو عبد الله بن أنس، قال الحافظ، وهو غير الجهني الصحابي المشهور: " حبسه برداه " تثنية بُرْد وهو ثوب مخطط، ويجمع على أبرَاد وأبرد وبُرُد " ونظره في عطفيه " تثنية عِطف وهو الجانب، وكنى بالجملتين عن إعجابه بلباسه، وإعجابه بنفسه " فقال معاذ: بئسما قلت " أي ما أقبح هذا القول الذي نطقت به، فإنك قد اغتبت الرجل في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - " فلما بلغني أنه توجه قافلاً " أي فلما وصلتني الأخبار عن توجهه من تبوك عائداً إلى المدينة " حضرني همّي " أي بَدَأتِ الأفْكار والهموم تسيطر على نفسي

<<  <  ج: ص:  >  >>