للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة".

فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن نكاح المتعة كان مباحاً مشروعاً أول الإِسلام ثم حرّم. أما كيف كانت مشروعيته، وهل كان حكماً عاماً أو خاصاً فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن نكاح المتعة كان رخصة استثنائية في حال السفر فقط. كما جاء في حديث قيس بن حزام قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس معنا نساء، فأردنا أن نختصى، فنهانا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجلٍ بالثوب. ولهذا قال الحازمي: وإنما كان ذلك في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنه غير مرة، وأباحه لهم في أوقات مختلفة، حتى حرّمه عليهم في فتح مكة، وهو أصح الأقوال حيث حرمه تحريم تأبيد لا تأقيت فيه، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار إلا شيئاً ذهب إليه الشيعة، ويروى أيضاً عن ابن جريج، وأما ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول بجواز نكاح المتعة، فالصحيح أنه رجع عن رأيه هذا، قال الترمذي: وإنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة، ثم رجع عن قوله حيث أخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (١). اهـ. وقال الخطابي: وكان ابن (٢) عباس رضي الله عنهما يتأول في إباحته للمضطر إليه بطول العزوبة وقلة اليسار، ثم توقف عنه وأمسك عن الفتوى به، فعن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: هل تدري ما صنعت وبما أفتيت؟ قد سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء قال: وما قالت؟ قلت قالوا:

قَدْ قُلْتُ للشيخ لَمَا طَاْل مَجْلِسُهُ ... يَا صَاحِ هَل لَكَ في فُتْيَا اْبنِ عَبَّاسِ

هَلْ لَكَ في بَيْضاءَ بَهْكَنَةٍ ... تَكُونُ مَثْوَاكَ حَتَّى مَصْدَرِ النَّاسِ


(١) " صحيح الترمذي ".
(٢) " تكملة المنهل العذب " ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>