للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابقة. والبكر هي التي لم تُزَل بكارتها أصلاً، أو زالت بوثبة أو حيضة، أي ولا يجوز للولي أن يزوّج البكر البالغة إلاّ بإذنها وموافقتها ولكن لا يلزم أن تأذن بصريح القول، لأنها يغلب عليها الحياء بل يكفي منها كل ما يدل على رضاها ولو بإشارة، أو سكوت، ولهذا لمّا " قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ " أي وكيف يكون إذنها؟ وهل يلزم أن يكون بصريح القول كالثيب؟ " قال: أن تسكت " كذا في رواية البخاري وأبي داود وغيره من الصحاح، وفي رواية الترمذي: " وإذنها الصموت " أي السكوت أي أنه يكتفى منها بسكوتها.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على أنه لا يجوز للولي أن يزوج المرأة التي تحت ولايته إلاّ بإذنها سواء كانت بكراً أو ثيباً، فإن كانت ثيباً عبّرت عن رضاها بصريح القول، بأن تقول أي كلمة صريحة تدل على الرضا، حتى كأنها تأمر وليها بتزويجها منه، لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: تستأمر .. معناه حتى يؤخذ أمرها بذلك. وإن كانت بكراً فإنها تستأذن بكل ما يدل على رضاها ولو بالسكوت. لاستحيائها، لأنها (١) لو تكلمت صريحاً لظن أنها راغبة في الرجال، وهذا لا يليق في البكر واستحب العلماء أن تعلم أن صماتها إذن. اهـ. فيستدل على رضاها بسكوتها، أما رفضها فلا بد فيه من اللفظ الصريح كما أفاده ابن رشد. هذا وقد اتفق أهل العلم على وجوب استئذان الثيب، وأنها لا تزوج إلاّ برضاها كما اتفقوا على أن البكر إذا كان وليها غير أبيها لا بد من رضاها وإذنها، إلا أن إذنها سكوتها، واختلفوا في البكر البالغة التي يكون وليها أبوها، فقال الشافعي وابن أبي يعلى (٢) وأحمد وإسحاق وغيرهم: إن كان الولي أباً أو جدَّاً كان الاستئذان مندوباً إليه، ولو زوجها بغير استئذانها صَحَّ، وإن كان غيرهما من الأولياء وجب الاستئذان، ولم يصح نكاحها قبله، وقال الأوزاعي وأبو حنيفة


(١) " أوجز المسالك " ج ٩.
(٢) " تحفة الأحوذي " ج ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>