للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعدة التي أذن الله أن تطلّق لها النساء في قوله تعالى: (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أي إذا أردتم أن تطلقوا النساء فطلقوهن في وقت يصلح لابتداء عدتهن، وهو وقت الطهر الذي لم يجامع فيه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن طلاق المرأة وهي حائض أو في طهر جامعها فيه حرام باتفاق أهل العلم (١)، ويسمى بالطلاق البدعي لمخالفته للصفة المشروعة للطلاق في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليه أن يراجعها وجوباً عند مالك وأحمد في رواية (٢)، والمشهور عنه وهو قول الجمهور أن المراجعة مستحبة، لأن ابتداء النكاح غير واجب. ثانياً: أن الصفة المشروعة في الطلاق أن يقع في حال طهر لم يجامعها فيه، وأن يشهد على طلاقه.

أما الإشهاد فلقوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) وأما الطلاق في حال الطهر الذي لم يجامعها فيه فدليله هذا الحديث، لأن ابن عمر لما طلق زوجته في حال الحيض أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيدها إليه حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء أمسك، وإن شاء طلق قبل أن يمس، ثم قال فتلك العدة التي أمر الله أن تطلّق لها النساء. ومن هذا يتضح لنا أن الطلاق قسمان: (أ) طلاق سني وهو ما وافق الصفة المشروعة في هذا الحديث بأن يطلقها في طهر لم يمسها فيه، ويشهد على ذلك. وطلاق بدعي: وهو ما خالف المشروع، كأن يطلقها في حيض أو بعد جماع. أو دون إشهاد. وأجمع العلماء على أن الطلاق البدعي حرام، وأن فاعله آثم. ثالثاً: دل هذا الحديث على أن الطلاق في الحيض يقع ويصح ويحسب طلقة واحدة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر ابن عمر بمراجعتها، والمراجعة لا تكون (٣) إلاّ بعد طلاق (٤)، وهذا قول جمهور العلماء، منهم الأئمة الأربعة،


(١) " تكملة المنهل العذب " ج ٤.
(٢) أيضاً " تكملة المنهل العذب ".
(٣) " تيسير العلام " ج ٢.
(٤) ويؤكد ذلك ما جاء في رواية أخرى حيث قال فيها: فحسبت من طلاقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>