للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الطعام، وسواء في استحباب التسمية الجنب والحائض وغيرهما (١). ثانياًً: دل الحديث على استحباب الأكل باليمين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وكل بيمينك " وقد اختلف أهل العلم في مقتضى هذا الأمر. وهل الأكل باليمين واجب أو مستحب؟ فذهب بعضهم إلى أنه واجب (٢) كما أفاده العيني لظاهر الأمر، ولورود الوعيد في الأكل بالشمال ففي " صحيح مسلم " عن سلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يأكل بشماله، فقال: " كل بيمينك " قال: لا أستطيع، قال: " لا استطعت ما منعه إلاّ الكبر، قال: فما رفعها إلى فيه ". وروى أحمد بسند حسن عن عائشة مرفوعاً: " من أكل بشماله أكل معه الشيطان " والذي عليه أكثر أهل العلم استحباب الأكل والشرب باليمين، وكراهية ذلك بالشمال، وكذلك كل أخذ وعطاء، قال القرطبي: هذا الأمر على جهة الندب، لأنه من باب تشريف اليمين على الشمال، لأنها أقوى، وهي مشتقة من اليمن، وقد شرّف الله أصحاب الجنة إذ نسبهم إلى اليمين. والأصل فيما كان من هذا الباب الترغيب والندب. ثالثاً: استدل به بعض أهل العلم على تحريم الأكل بالشمال، لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عمر بن أبي سلمة بالأكل باليمين، والأمر بالشيء نهي عن ضده، واستدلوا أيضاً على تحريم الأكل باليد اليسرى بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله " أخرجه مسلم، قال الصنعاني: الحديث دليل على تحريم الأكل والشرب بالشمال، فإنه علله بأنه فعل الشيطان وخلقه، والمسلم مأمور بتجنب طريق أهل الفسوق فضلاً عن الشيطان. رابعاً: قال النووي: وفيه استحباب الأكل مما يليه (٣)، لأن أكله من موضع يد صاحبه سوء عشرة، وترك مروءة وهذا في السوائل، فإن كان تمراً وأجناساً فقد نقلوا إباحة اختلاف الأيد في الطبق ونحوه، والذي ينبغي تعميم النهي. قال القسطلاني: وقد


(١) " تحفة الأحوذي ".
(٢) " نص عليه الشافعي في " الرسالة " ورجحه الحافظ، لأن الأصل في الأمر الوجوب.
(٣) " تحفة الأحوذي " ج ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>