للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونَدَّ بَعيرٌ فَحَبَسهُ فقالَ: " إِنَّ لِهَذِه الإِبلِ أوابِدَ كأوابِدِ الوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فاصْنَعُوا بِهِ هكَذَا ".

ــ

الظفر فمدى الحبشة" أي أما الظفر فالعلة في تحريمه أنه أداة يذبح بها الحبشة، وهم كفار، وقد نهينا عن التشبه بهم " وأما السن فعظم " أي وأمّا السن فالعلة في تحريمه أنه من العظم الذي هو زاد إخواننا من الجن، فنهينا عن الذبح به، كما نهينا عن الاستنجاء به لئلا يتنجس بالدم، أو بالروث فلا يأكلونه " وندَّ بعيرٌ فحبسه " بفتح النون، وتشديد الدال، أي وهرب بعير على وجهه شارداً فأعياهم إمساكه فرماه - صلى الله عليه وسلم - بسهم " فقال: إن لهذه الإِبل أوابدَ كأوابد الوحش " أي إن الإبل تحدث منها أحياناً أمور غريبة كما يحدث من الحيوانات المتوحشة " فما غلبكم منها " أي فما هرب منكم وعجزتم عن إمساكه " فأصنعوا هكذا " أي فارموه بسهم كما صنعت. الحديث: أخرجه البخاري.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه يجوز الذبح بكل محدد قاطع، سواء كان مدية أو قصباً أو مروة أو أي محدد. قال النووي: فكلها تحصل بها الذكاة إلاّ السن والظفر والعظام كلها، أما الظفر فيدخل فيه ظفر الآدمي وغيره من كل الحيوانات للحديث وأما السن فيدخل فيه سن الآدمي وغيره، الطاهر والنجس، المتصل والمنفصل، ويلحق به سائر العظام من كل الحيوان المتصل منها والمنفصل، الطاهر والنجس، وبهذا قال جمهور العلماء، وقال الحنفية: لا يجوز بالسن والعظم المتصلين ويجوز بالمنفصلين، وروي عن مالك روايات أشهرها جوازه بالعظم مطلقاً، لا بالسن مطلقاً (١) قال في " تيسير العلام " أما المشهور من المذاهب (٢) فيختص - يعني التحريم بالسن (٣) فقط والله


(١) " تكملة المنهل العذب " ج ٣.
(٢) أي مذهب الحنابلة.
(٣) " تيسير العلام " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>