للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُ النِّسْوَةِ: أخْبِرُوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بمَا يُرِيدُ أن يَأكُلَ، فقالُوا: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللهِ فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أحَرَامٌ هُوَ يا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: لا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بأرْضِ قَوْمَي فأجِدُني أعَافُهُ، قَالَ خَالِدٌ: فاجْتَرَرتُهُ فأكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظرٌ".

ــ

محنوذ" أي مشوي " فأهوى إله رسول الله " أي فمد - صلى الله عليه وسلم - يده إلى اللحم ليأكل منه، وهو لا يعلم أنه لحم ضب " فقالوا: هو ضب يا رسول الله، فرفع يده " عن ذلك اللحم، وتوقف عن أكله، " فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي " أي لم يكن في مكة، ولم أتعوّد على أكله " فأجدني أعافه " أي أتقذر منه وأكره لحمه طبعاً ولا أحرمه شرعاً " قال خالد: فاجتررته " أي فنهشت من لحم ذلك الضب وجررته بيدي " فأكلته ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر " أي ينظر إلي ويشاهدني وأنا آكله. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي. والمطابقة: في قوله: " فقلت أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا ".

فقه الحديثين: دل الحديثان على ما يأتي: أولاً: جواز أكل الضب، وإباحة لحمه لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الأول: " ولست أحرمه " وقوله في الثاني: " فقلت: أهو حرام؟ فقال: لا " وهو مذهب عامة الفقهاء مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، وبه قال أهل الظاهر بلا شك (١). ثانياًً: أن من عاف طعاماً أو شراباً وتقذرته نفسه فإنه ينبغي له أن يتركه، ولو كان من المباحات، لأن ذلك قد يؤذيه جسمياً أو نفسياً، وقد ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - لحم الضب حين عافته نفسه.


(١) " شرح العيني " ج ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>