للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس من الضحية في شيء " فقال أبو بردة " ابن نِيَار بكسر النون: " ذبحت قبل أن أصلي " أي لم أكن أعرف ذلك فذبحت قبل الصلاة " وعندي جذعة " أي وعندي جذعة من المعز، وهي التي لها سنة ودخلت في الثانية، فهل تجزئني في الأضحية؟ " فقال: اجعلها مكانها " أي اجعلها ضحية مكان الذبيحة التي ضاعت عليك ولم تحتسب لك " ولن تجزىء أو قال توفي " أي لن تكفي الجذعة " عن أحد بعدك " وإنما هذا الحكم حكم استثنائي لك خاصة.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن أول وقت الضحية يدخل بعد صلاة العيد، وهو مذهب أحمد ومن وافقه من أهل العلم، قال ابن قدامة: ظاهر هذا اعتبار نفس الصلاة (١)، والصحيح إن شاء الله تعالى أن وقتها في الموضع الذي يصلي فيه بعد الصلاة لظاهر الخبر، فأما غير أهل الأمصار، فأول وقتها في حقهم قدر الصلاة والخطبة. اهـ. وقال مالك: وقتها بعد الصلاة والخطبة وذبح الإِمام، قال الصنعاني (٢): ودليل اعتبار ذبح الإِمام ما رواه الطحاوي من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا، وظنوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نحر، فأمرهم أن يعيدوا. وقال الشافعي: وقت الذبح إذا مضى من الوقت مقدار ما يصلي فيه ركعتين وخطبتين بعدهما. وقال أبو حنيفة: يدخل وقتها في حق أهل الأمصار إذا صلّى الإمام العيد، أو مضى وقتها بالزوال إن لم تصلَّ لعذر، ويدخل وقتها في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر الثاني من يوم النحر، لعدم وجوب صلاة العيد عليهم (٣). ثانياً: دل الحديث على أن الجذع من المعز لا يجزىء في الأضحية، وهو ما أتمَّ سنة، ودخل في الثانية، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بردة: "ولن تجزىء أو قال توفي عن أحد


(١) " المغني " لابن قدامة.
(٢) " سبل السلام " ج ٤.
(٣) " تكملة المنهل العذب " ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>