للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تستغرقها، وقد تكون النوبة هينة عابرة لا تكاد تلحظ، وقد تكون بالغة الشدة، وقد تقع النوبة بغتة بلا نذير، وقد ينذر بها حس سابق يعتري أحد الحواس. كأن يرى المريض شبحاً أو يسمع صوتاً، أو يشم رائحة، ويعقب ذلك وقوع المريض على الأرض فاقداً وعيه، وقد يقع صارخاً ثم تتملكه رعدة تشنجية، قد يتوقف فيها التنفس مؤقتاً، ويعض المريض لسانه في أثناء النوبة، وقد تحدث له إصابات أو حوادث مرضية خطيرة من جراء هذه النوبات ويعقب النوبة خور في القوى واستغراق في النوم يصحو منه المريض خالي الذهن من تذكر ما حدث له. ويقول ابن القيم (١): الصرع صرعان، صرع من الأرواح الخبيثة وصرع من الأخلاط، وهو الصرع العضوي أو ما يسمى بالأعصاب، قال ابن القيم: والثاني: هو الذي يتكلم فيه الأطباء، وأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ولا يدفعونه وقد نص على ذلك أبقراط في بعض كتبه فقال " أما الصرع الذي يكون من الأرواح فلا ينفع فيه هذا العلاج " وقدماء الأطباء كانوا يسمون هذا الصرع بالمرض الإلهي. قال ابن القيم: وعلاج هذا النوع يكون بأمرين " أمر من جهة المصروع " و" أمر من جهة المعالج " فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وباريها والتعوذ الصحيح بالقلب واللسان. والثاني: من جهة المعالج بأن يكون لديه قوة اليقين وصدق التعوذ بالله تعالى حتى أن من المعالجين من يكتفي بقوله " أخرج منه " أو يقول: " باسم الله " أو يقول: " لا حول ولا قوة إلا بالله " والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: اخرج عدو الله أنا رسول الله (٢) وشاهدت شيخنا (٣) يرسل


(١) " الطب النبوي " لابن القيم.
(٢) أخرجه في " مسنده " ٤/ ١٧٠ و١٧١ و١٧٢ من حديث يعلى بن مرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - " أخرج عدو الله أنا رسول الله " قال: فبرأ ... ورجاله ثقات. اهـ. مختصراً من زاد المعاد ٤/ ٦٨ وانظر " مجمع الزوائد " (٩/ ٦).
(٣) والغالب أنه أراد بشيخه ابن تيمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>