للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إذَا سَمِعْتُمْ به بِأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وِإذَا وَقَعَ بِأرضٍ وَأنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِراراً مِنْهُ ".

ــ

عمر بالعودة إلى المدينة فقال أبو عبيدة: أفراراً من قدر الله؟ فقال له عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله. أرأيت لو كان لك إبل هبطت وادياً له عدوتان، إحداهما خصيبة، والأخرى جدبة، أليس إذا رعيت الخصيبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله، فجاء بن عوف فقال: إن عندي أني هذا علماً وأخبره " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا سمعتم به بأرضٍ فلا تقدموا عليه " بفتح الدال، أي فلا تدخلوا تلك الأرض التي انتشر فيها ذلك الوباء وقاية لكم من الإِصابة بالعدوى، " وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه " أي فلا تنتقلوا منها إلى غيرها، وذلك لتطويق الوباء وحصره في البلاد التي وقع فيها، ومنع انتشاره وانتقال ميكروبه إلى البلاد الأخرى الحديث: أخرجه الشيخان.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: خطورة الطاعون وكونه من الأمراض الخبيثة المعدية، وكان يسمى بالموت الأسود وتحصل الإصابة به بواسطة البرغوث حيث يتغذى من فأرٍ مصاب فيمتص دمه الملوث بالبكتيريا، فيلدغ الإِنسان ويقذف فيه من ذلك الدم فتنتشر البكتيريا في دمه ويصاب (١) بالطاعون. ثانياًً: إرشاد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث إلى ما يسمّى في عصرنا هذا بالحجر الصحي حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: " فلا تقدموا عليه " وقال: " فلا تخرجوا منها " فمنع من دخول الأصحاء إلى أرض الوباء، ومنع من انتقال المصابين إلى الأرض السليمة " منه لتطويق المرض وحصره في نطاق محدود حرصاً


(١) من تعليقات الدكتور القلعجي على كتاب " الطب من الكتاب والسنة " لموفق الدين البغدادي المتوفي سنة ٦٢٩. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>