للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر فيمن زنى " أي يأمر في كل من وقعت منه جريمة الزنا، رجلاً أو امرأة " ولم يُحْصَن (١) " أي ولم يكن متزوجاً ومجامعاً لزوجته بنكاح شرعي صحيح، فيدخل فيه من عقد على زوجته ولم يدخل عليها، أو من جامع سفاحاً. " جلد مائة وتغريب عام " منصوب بنزع الخافض، أي بجلد مائة جلدة وتغريب عام والمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر في كل زان محصن أن يجلد مائة جلدة وينفي من بلده لمدة سنة كاملة إلى مسافة القصر إذا رأى الإِمام ذلك.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن حد الزاني البكر رجلاً كان أو امرأة جلد مائة جلدة، ونفيه لمدة سنة كاملة، أما الجلد فقد ثبت بكتاب الله حيث قال عز وجل: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) وبهذا الحديث الشريف، وأما تغريب سنة، فقد ثبت بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث الباب هذا وغيره من الأحاديث الصحيحة الصريحة، فقد روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى فيمن زنى ولم يُحْصن بنفي عام، وإقامة الحد عليه. أخرجه البخاري. وعن عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " أخرجه مسلم. قال أبو عيسى الترمذي: وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النفي، ورواه أبو هريرة وزيد بن خالد وعبادة بن الصامت وغيرهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب، وأُبي بن كعب وغيرهم، وكذلك روي عن غير واحد من فقهاء التابعين، وهو قول سفيان الثوري ومالك ابن أنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحاق (٢). اهـ.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجلد ولا ينفى، قال في " الهداية " (٣): ولا


(١) بضم الياء وفتح الصاد على البناء للمجهول.
(٢) " جامع الترمذي ".
(٣) " أوجز المسالك على موطأ مالك " ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>