للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

" كتاب التوحيد والرد على الجهمية "

التوحيد: لغة مصدر وحّد يوحّد، وهو الحكم بأن الشيء واحد. وأما التوحيد شرعاً: فهو الاعتقاد بأن الله واحد في ذاته وصفاته وأفعاله وعبادته.

قال ابن القيم رحمه الله: أما التوحيد الذي دعت إليه الرسل، ونزلت به الكتب السماوية، فهو نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات، وتوحيد في الطلب والقصد. فالأول: هو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى، وصفاته، وأفعاله، وتكلمه بكتبه وتكليمه لمن شاء من عباده. وإثبات عموم قضائه وقدره، وحكمته، وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الإِفصاح، كما في أول سورة الحديد، وسورة طه، وآخر الحشر، وأول تنزيل السجدة، وآل عمران. والثاني: وهو طلب التوحيد في القصد والألوهية كما تضمنته سورة الكافرون، وأول سورة تنزيل الكتاب وجملة سورة الأنعام وغالب سور القرآن، فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته، وهو التوحيد العلمي، وإما دعوة الرسل إلى عبادته وحده، وهو التوحيد الطلبي. قال الحافظ: وليس الذي أنكروه على الجهمية مذهب الجبر خاصة، وإنما الذي أطبق السلف على ذمهم بسببه إنكار الصفات حتى قالوا: إن القرآن ليس كلام الله وإنه مخلوق. وامتنعوا عن وصف الله بأنه شيء أو حي أو عالم أو مريد، حتى قال جهم بن صفوان: لا أصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره. قال: وأصفه بأنه خالق ومحيي ومميت وموجود. أما جهم بن صفوان الذي عُني البخاري عناية خاصة بالرد على مذهبه، وتفنيد معتقده، فقد أخذ عقيدته الفاسدة عن الجعد بن درهم، وإن لم يعاصره، ولهذا قال البخاري: بلغني أن جهماً كان يأخذ عن الجعد بن درهم، وكان خالد

<<  <  ج: ص:  >  >>